فقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687877 "من أطاع أميري" [قد] بين أن معناه إطاعته في الطاعة وهو ما كان من الأفعال التي يأمر الله ورسوله بها، فيكون هذا [الأمير] [منفذا] لذلك الأمر. كما كان
nindex.php?page=showalam&ids=16673 [عمر ابن عبد العزيز] يقول: "أيها الناس لا كتاب بعد كتابكم، ولا نبي بعد نبيكم، كتابكم آخر الكتب، ونبيكم آخر الأنبياء،
[ ص: 606 ] وإنما أنا متبع، ولست بمبتدع، وإنما أنا منفذ ولست بقاض".
فقد تبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=34265هذه الدعاوي في الخلافة عن الله ونحو ذلك، إنما هي من دعاوي المتكبرين الجبارين المشركين، الذين يريدون العلو في الأرض، كفرعون، وهؤلاء
الاتحادية والموافقين
لفرعون، المدعين أنهم مضاهون لله تعالى وأنه يحتاج إلى عباده، كما يحتاج عباده إليه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
يبين هذا أن إيتاء الله للعبد الملك والسلطان والمال، لا يقتضي أن ذلك إكرام منه له ومحبة، بل هو ابتلاء وفتنة له، وامتحان، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن [ ص: 607 ] nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كلا بل لا تكرمون اليتيم [الفجر: 15-17]. وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=13ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون [يونس: 13-14]. وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم [الأنعام: 165].
فبين أنه جعلهم خلائف، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، كما يرفع درجة ذي الملك والسلطان، ليبلوهم فيما آتاهم.
وإذا كان كذلك فمن كان منهم عاملا بطاعة الله غير عامل بمعصيته كان من أولياء الله وعباده الصالحين، ومن كان منهم عاملا بمعصية الله مريدا للعلو في الأرض والفساد متخيلا متكبرا جبارا كان من أعداء الله [وممن] سخط الله عليه ولعنه.
فَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687877 "مَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي" [قَدْ] بَيَّنَ أَنَّ مَعْنَاهُ إِطَاعَتُهُ فِي الطَّاعَةِ وَهُوَ مَا كَانَ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَأْمُرُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهَا، فَيَكُونُ هَذَا [الْأَمِيرُ] [مُنَفِّذًا] لِذَلِكَ الْأَمْرِ. كَمَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673 [عُمَرُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ] يَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ لَا كِتَابَ بَعْدَ كِتَابِكُمْ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، كِتَابُكُمْ آخِرُ الْكُتُبِ، وَنَبِيُّكُمْ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ،
[ ص: 606 ] وَإِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدَعٍ، وَإِنَّمَا أَنَا مُنَفِّذٌ وَلَسْتُ بِقَاضٍ".
فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34265هَذِهِ الدَّعَاوِي فِي الْخِلَافَةِ عَنِ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ دَعَاوِي الْمُتَكَبِّرِينَ الْجَبَّارِينَ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ، كَفِرْعَوْنَ، وَهَؤُلَاءِ
الِاتِّحَادِيَّةُ وَالْمُوَافِقِينَ
لِفِرْعَوْنَ، الْمُدَّعِينَ أَنَّهُمْ مُضَاهُونَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عِبَادِهِ، كَمَا يَحْتَاجُ عِبَادُهُ إِلَيْهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ إِيتَاءَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ الْمُلْكَ وَالسُّلْطَانَ وَالْمَالَ، لَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ مِنْهُ لَهُ وَمَحَبَّةٌ، بَلْ هُوَ ابْتِلَاءٌ وَفِتْنَةٌ لَهُ، وَامْتِحَانٌ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [ ص: 607 ] nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ [الْفَجْرِ: 15-17]. وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=13وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=14ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [يُونُسَ: 13-14]. وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=165وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [الْأَنْعَامِ: 165].
فَبَيَّنَ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ خَلَائِفَ، وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ، كَمَا يَرْفَعُ دَرَجَةَ ذِي الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ، لِيَبْلُوَهُمْ فِيمَا آتَاهُمْ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَامِلًا بِطَاعَةِ اللَّهِ غَيْرَ عَامِلٍ بِمَعْصِيَتِهِ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَامِلًا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ مُرِيدًا لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ مُتَخَيَّلًا مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا كَانَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ [وَمِمَّنْ] سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ.