الوجه التاسع: قولك: إنه لا يترك الدليل السمعي لدليل أرجح منه، لأن الترجيح لا يكون إلا ظنا، والظن لا يجوز التعويل عليه في المسائل العقلية القطعية.
فيقال لك: فرق بين رجحان الاعتقاد واعتقاد الرجحان، فأنت قد ذكرت هذا الفرق، كما ذكره أبو الحسين البصري وغيره.
واعتقاد الرجحان قد يكون علما، فإذا اعتقد أن هذا الظاهر أرجح من هذا الظاهر، فهذا يكون معلوما مستيقنا، وكذلك يجب العمل بهذا الراجح، ويكون العامل عاملا بعلم، لا بظن، وحينئذ فإذا تعارض ظاهران وقد علم رجحان أحدهما، جزمنا بأن إرادة الله لذلك الشيء أرجح، وكان هذا الجزم علما فلم لا يجوز ذلك؟ وإن لم يجزم بوجود المراد، وهذا الجزم ينتفع به نفعا عظيما. [ ص: 454 ]