الوجه السابع- أن ما به يعلم أنه لا بد لكل موجود في الخارج من صفة وخاصة ينفصل بها ويتميز بها عما سواه يعلم به أنه لا بد لكل موجود من حد ومقدار ينفصل به عما سواه؛ إذ وليس المراد بالحد هنا الحد النوعي؛ فإن ذاك هو القول الدال على المحدود، وهو كلي لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه. وإذا أريد بالحد نفس المحدود وحقيقته فليس في الخارج محدود كلي بشرط كونه كليا؛ بل يقال: حقيقة هذا تشبه حقيقة هذا. فالحدود على هذا تتشابه وتتماثل إذا عني بها حقيقة الموجودات الخارجية، ولا بد لكل موجود من هذه الحدود والحقائق. كما ذكرنا، وتقدير موجود قائم بنفسه ليس له صفة [ ص: 378 ] ولا قدر هو الذي يراد بالكيفية والكمية كتقدير موجود ليس قائما بنفسه ولا بغيره، وهو الذي يراد بالعرض والجوهر، ولهذا كان السلف والأئمة يقولون: (إن الكيف غير معقول، وغير معلوم )، ويقولون (إن لله عز وجل حدا لا يعلمه إلا هو ). فهم دائما ينفون علم العباد بكيفية الرب وكيفية صفاته وبحده وحد صفاته، لا ينفون ثبوت ذلك في نفسه؛ بل ينفون علمنا به. كل موجود فلا بد له من صفة تخصه وقدر يخصه.