الوجه الثاني عشر: قوله إن مثبتة الجوهر الفرد يمكنهم الاحتجاج بهذه الآية على نفي كونه جوهرا فردا من وجه [ ص: 214 ] آخر وهو أن الأحد كما يراد به نفي التركيب والتأليف في الذات، فقد يراد به نفي الضد والند ولو كان تعالى جوهرا فردا لكان كل جوهر فرد مثالا له، وذلك ينفي كونه أحدا وأكدوا هذا الوجه بقوله: ولم يكن له كفوا أحد [الإخلاص 4] ولو كان جوهرا فردا لكان كل جوهر فرد كفوا له.
يقال: هذه الدلالة المشتركة بين جميع الناس نفاة الجوهر وغيرهم؛ فكل أحد يمكنه من ذلك ما أمكن هؤلاء.
وأيضا فالمطلوب بهذا الدليل وهو أن رب السموات والأرض ليس في القدر بقدر الجوهر الفرد فإنه عند مثبتيه أمر لا يحسه أحد من حقارته فهو أصغر من [ ص: 215 ] الذرة والهباءة وغير ذلك؛ فكيف يخطر ببال أحد أن رب العالمين بهذا القدر حتى يحتاج هذا إلى دليل على نفيه؟! ولا ريب أن نفي كونه جوهرا فردا أمر متفق عليه بين الخلائق كلهم بل هو معلوم بالضرورة العقلية وكذلك قوله: كونه واحدا يمنع أن يكون له شبيه، ولم يكن له كفوا أحد [الإخلاص 4] يمنع الكفؤ فيمتنع أن يكون من الجواهر المتماثلة لكن هذه الدلالة إنما تتم إذا كانت الجواهر المنفردة متماثلة في حقائقها .