وذلك يظهر بالوجه الثامن عشر، وهو أنه قد عرف أن الغير هنا لا يعني الغير المنفصل عنه بل ما تغاير في العلم، وأن الافتقار المراد به التلازم. فيكون المعنى أن ومعنى افتقاره إليها أنه لا يكون له حقيقة أو لا يكون على ما هو عليه إلا بها، وأنه يلزم من عدمها عدمه لكن تلك الصفة أيضا يلزم من عدم الموصوف عدمها، ولا حقيقة لها ولا وجود إلا بالموصوف، وكونها مستلزم الموصوف، وهو الموصوف [ ص: 649 ] مستلزم الصفة، أبلغ من كون الموصوف مستلزما لها، وإذا كان كذلك كان الموصوف واجبا للوجود ولم يكن يفتقر إلى شيء منفصل عنه ولكن معنى حاجته استلزامه للصفة التي هي مستلزمة له، وهذا حق وهو غير مناف لوجوب الوجود بل لا يكون وجود واجب ولا غير واجب إلا كذلك . افتقارها إلى الموصوف
الوجه التاسع عشر: أنه لو فرض أن ذاته مستلزمة لشيء منفصل عنه من حيز أو غيره؛ لكان بحيث يلزم من عدم ذلك اللازم لذاته المنفصل عنه عدم الملزوم الذي هو ذاته، ثم لم يقل أحد من الخلائق بأن رب العالمين مفتقر لأجل ذلك إلى ما يكون منفصلا عنه، ولا على قول القائل بالتعليل والتوليد الذين منهم خرج التكلم بواجب الوجود؛ فإنهم يقولون إنه علة تامة مستلزم [ ص: 650 ] لوجود معلوله الذي هو العالم الذي تولد عنه، ومع هذا فهو واجب الوجود ليس بممكن الوجود ولا يفتقر إلى غيره .