وكذلك قوله في الثالث: لو جاز على سبيل الوجوب، مع كون الأحياز متساوية يلزم استغناؤها عن الصانع. فيقولون هذا بناء على أن الأحياز أمور وجودية، وليس الأمر كذلك بل هي أمور عدمية. اختصاص ذات الإله ببعض الجهات
[ ص: 810 ] وقوله في الخامس: أنه يكون كالمفلوج الذي لا يمكنه الحركة، وهو نقص، وهو على الله محال. فيقال: أنت تقول: إن نفي النقص عن الله لا يعلم بالعقل. وأنت أيضا تقول: لا يجوز عليه الحركة، وقد تقدم الكلام على هذا في آخر حجة من نفي الجسم، وهو برهان الحركة، وبينا أن ما وصف به قول منازعيه يلزمه مثله أو أكثر .
الوجه الرابع: ويقول: إنه استوى إلى السماء وأنه يجيء يوم القيامة ويأتي إلى سائر ما جاءت به النصوص من ذلك. قول من لا يوجب حصوله في حيز معين خارج عنه وجوديا كان أو عدميا، بل ذلك عنده على سبيل الجواز مطلقا، وهو قول كل من يقول إنه استوى على العرش بعد أن خلق السموات والأرض، بعد أن لم يكن مستويا عليه،
وعلى قول هؤلاء لا يجب حصوله في حيز معين، وتكون ذاته مستلزمة للحيز المطلق لا لحيز معين، وإذا حصل في حيز معين جاز أن يكون حاصلا [ ص: 811 ] فيه ولم يجب.