ذكر رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم   - 
روى  مسلم  عن  سلمة بن الأكوع  ،  والبيهقي  عن  ابن عباس  ، وابن سعد  ، والبيهقي ،  والحاكم  عن أبي عمرة الأنصاري ،   والبزار ،   والطبراني  ،  والبيهقي  عن أبي خنيس الغفاري ،  ومحمد بن عمر  عن شيوخه ، يزيد بعضهم على بعض : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انصرف من « الحديبية  » نزل بمر «الظهران»  ثم نزل «بعسفان»  وأرملوا من الزاد ، فشكا الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد بلغوا من الجوع الجهد ، وفي الناس ظهر ، فقالوا : ننحره يا رسول الله ، وندهن من شحومه ونتخذ من جلوده أحذية فأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبر بذلك  عمر بن الخطاب  فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله لا تفعل ، فإن يكن في الناس بقية ظهر يكن أمثل ، كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا ؟ ! ولكن إن رأيت أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم فتجمعها ثم تدعو فيها بالبركة فإن الله سيبلغنا بدعوتك ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس ببقايا أزوادهم وبسط نطعا فجعل الناس يجيئون بالحفنة من الطعام وفوق ذلك ، فكان أعلاهم من جاء بصاع تمر ، فاجتمع زاد القوم على النطع ، قال سلمة :  فتطاولت لأحرركم هو فحررته كربضة عنز ونحن أربع عشرة مائة ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا بما شاء الله أن يدعو ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم حشوا أوعيتهم ، وبقي مثله ، 
فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ، وقال : «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، والله لا يلقى الله - تعالى - عبد مؤمن بهما إلا حجب من النار» . 
ثم أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرحيل ، فلما ارتحلوا أمطروا ما شاءوا وهم صائفون ، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلوا ، فشربوا من ماء السماء . 
ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطبهم ، فجاء ثلاثة نفر فجلس اثنان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذهب واحد معرضا ، 
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ألا أخبركم عن الثلاثة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : أما واحد فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فتاب فتاب الله عليه ، أما الثالث فأعرض . فأعرض الله عنه»  . 
وروى  البيهقي  عن  عروة  قال : قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعا فقال رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هذا بفتح ، لقد صددنا عن البيت وصد هدينا . ورد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين من المؤمنين كانا خرجا إليه ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «بئس الكلام ، بل هو أعظم الفتح ، قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم . ويسألوكم القضية ، ويرغبون إليكم في الأمان ، ولقد رأوا منكم ما كرهوا ، وأظفركم الله - تعالى - عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتح ، أنسيتم يوم أحد ؟ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ، وأنا  [ ص: 59 ] 
أدعوكم في أخراكم!! أنسيتم يوم الأحزاب ؟ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا 
!! فقال المسلمون : صدق الله ورسوله ، فهو أعظم الفتوح ، والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ، ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا . 
				
						
						
