ذكر إسلام العبد الأسود وما وقع في ذلك من الآيات
روى عن البيهقي جابر بن عبد الله ، عن والبيهقي - رضي الله عنهم - أنس عن والبيهقي وعن عروة ، موسى بن عقبة : أن عبدا حبشيا لرجل من أهل خيبر كان يرعى غنما لهم ، لما رآهم قد أخذوا السلاح واستعدوا لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألهم : ما تريدون ؟ قالوا : نقاتل هذا الرجل ، الذي يزعم أنه نبي . فوقع في نفسه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج بغنمه ليرعاها ، فأخذه المسلمون ، فجاءوا به لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ ابن عقبة : أنه عمد بغنمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يكلمه ،
فقال الرجل : ماذا تقول ، وماذا تدعو إليه ؟ قال : «أدعوك إلى الإسلام وأن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأن لا تعبد إلا الله» . قال العبد : وماذا يكون لي إن شهدت بذلك ، وآمنت بالله تعالى ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لك الجنة إن آمنت على ذلك» فأسلم العبد ، وقال : يا رسول الله إني رجل أسود اللون قبيح الوجه ، منتن الريح ، لا مال لي ، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل ، أدخل الجنة ؟ قال :
«نعم» . قال : يا رسول الله إن هذه الغنم عندي أمانة فكيف بها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أخرجها من العسكر ، وارمها بالحصباء فإن الله - عز وجل - سيؤدي عنك أمانتك» ففعل ، وأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمته ، فخرجت الغنم تشتد مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت كل شاة إلى أهلها ، فعرف اليهودي أن غلامه قد أسلم ، ثم تقدم العبد الأسود إلى الصف ، فقاتل فأصابه سهم فقتله ، ولم يصل لله - تعالى - سجدة قط ، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أدخلوه الفسطاط» ، وفي لفظ «الخباء» فأدخلوه خباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه ، ثم خرج فقال «لقد حسن إسلام صاحبكم ، لقد دخلت عليه ، وإن عنده لزوجتين له من الحور العين» .
وفي حديث أنس : فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول ، فقال : «لقد حسن الله وجهك ، وطيب ريحك ، وكثر مالك ، لقد رأيت زوجتيه من الحور العين ينزعان جبته يدخلان فيما بين جلده وجبته» . [ ص: 130 ]
وعند ابن إسحاق «ينفضان التراب عن وجهه ، ويقولان : «ترب الله وجه من تربك وقتل من قتلك» .