ذكر خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة قاصدا مكة
قال محمد بن عمر - رحمه الله تعالى - خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من رمضان ، ونادى مناديه : «من أحب أن يصوم فليصم ، ومن أحب أن يفطر فليفطر” وصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما حل عقدة حتى انتهى إلى الصلصل ، وخرج في المهاجرين والأنصار ، وطوائف من العرب ، وقادوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمامه في مائتين من المسلمين ، الزبير بن العوام
ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيداء قال فيما رواه محمد بن عمر عن أبي سعيد الخدري : «إني لأرى السحاب يستهل بنصر بني كعب” .
ولما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العرج وهو صائم ، صب الماء على رأسه ووجهه من العطش - كما رواه الإمام مالك ، ومحمد بن عمر عن رجل من الصحابة - وروى في الإكليل بسند صحيح عن الحاكم - رضي الله عنه - قال : أبي هريرة «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم” ، ولما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العرج - وكان فيما بين العرج والطلوب - نظر إلى كلبة تهر عن أولادها ، وهن حولها يرضعنها ، فأمر جميل بن سراقة - رضي الله عنه - أن يقوم حذاءها ، لا يعرض لها أحد من الجيش ، ولا لأولادها .
وقدم - صلى الله عليه وسلم - بمائة جريدة تكون أمام المسلمين ، فلما كانوا بين العرج والطلوب أتوا بعين من هوازن ، فاستخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن هوازن تجمع له
فقال : «حسبنا الله ونعم الوكيل”
فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحبسه لئلا يذهب فيحذر الناس ، ولما بلغ خالد بن الوليد قديدا لقيته سليم هناك ، فعقد الألوية والرايات ، ودفعها إلى القبائل . [ ص: 213 ]
وروى محمد بن عمر عن يزيد بن أسلم ، وأبي الحويرث - رحمهما الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى قديد قيل له : يا رسول الله هل لك في بيض النساء ، وأدم الإبل ؟ بني مدلج ، فقال : - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله عز وجل حرمهن بصلة الرحم” علي . وفي لفظ «ببر الوالد ، ووكزهم في لبات الإبل” .
وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما . قال العباس ابن هشام : لقيه بالجحفة فأرسل ثقله إلى المدينة ، وسار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «هجرتك يا عم آخر هجرة ، كما أن نبوتي آخر نبوة” البلاذري :
وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة لقياه بنقب العقاب ، وستأتي قصة إسلامهما في ترجمتهما .