ذكر خبر المخلفين والمعذرين والبكائين
قال ابن عقبة - رحمه الله تعالى - : وتخلف المنافقون ، وحدثوا أنفسهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرجع إليهم أبدا ، فاعتذروا . وتخلف رجال من المسلمين بأمر كان لهم فيه عذر ، منهم السقيم والمعسر .
قال محمد بن عمر : - وكانوا بضعة وثمانين رجلا . وجاء ناس من المنافقين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليستأذنوه في القعود من غير علة ، فأذن لهم
وروى عن ابن مردويه - رضي الله عنهما - استدار برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجال من المنافقين حين أذن جابر بن عبد الله للجد بن قيس يستأذنون يقولون : يا رسول الله ائذن لنا فإنا لا نستطيع أن نغزو في الحر ، فأذن لهم ، وأعرض عنهم .
وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه فلم يعذرهم الله ، قال : وهم نفر من ابن إسحاق بني غفار ، قال محمد بن عمر ، كانوا اثنين وثمانين رجلا ، منهم ، خفاف ابن أيماء .
وروى ، ابن جرير عن وابن مردويه - رضي الله عنه - ابن عباس عن وابن جرير محمد بن كعب القرظي ، وابن إسحاق ، وابن المنذر عن وأبو الشيخ ، الزهري ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن محمد بن عمر بن قتادة وغيرهم : أن عصابة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءوه يستحملونه ، وكلهم معسر ذو حاجة لا يحب التخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ،
وهم سبعة ، واختلفوا في أسمائهم ، فالذي اتفقوا عليه سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف الأوسي وعلبة - بضم العين المهملة وسكون اللام وبالموحدة - بن زيد - وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب . وهرمي - ويقال بإسقاط التحتية - ابن عبد الله - وهو بها - والذي اتفق عليه ، القرظي ، وتبعهم وابن إسحاق ابن سعد ، ، وابن حزم وأبو عمرو ، والسهيلي ولم يذكر الأخير ، . والواقدي عرباض - بكسر العين المهملة وسكون الراء وبالضاد المعجمة بن سارية بالمهملة وبالتحتية ، وجزم بذلك ، ابن حزم وأبو عمرو ، ورواه عن أبو نعيم ، والذي اتفق عليه ابن عباس القرظي وابن عقبة . وابن إسحاق عبد الله بن مغفل - بميم [ ص: 439 ] مضمومة فغين معجمة ففاء مشددة مفتوحتين - المزني ، وفي حديث : ابن عباس فيهم ، وروى عبد الله بن مغفل ابن سعد ويعقوب بن سفيان عن وابن أبي حاتم ابن مغفل قال : إني لأجد الرهط الذين ذكر الله تعالى : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم [التوبة 92] الآية .
والذين اتفق عليهم القرظي : وابن عمر سلمة بن صخر ، ولفظ القرظي ، والذي اتفق عليه سلمان القرظي وابن عقبة : عمرو بن عنمة بفتح العين المهملة والنون - ابن عدي - وعبد الله بن عمرو المزني - حكاه قولا بدلا عن ابن إسحاق ابن مغفل ، وانفرد بذكر القرظي عبد الرحمن بن زيد أبي عبلة من بني حارثة ، وبذكر هرمي بن عمرو من بني مازن .
قال محمد بن عمر : ويقال إن عمرو بن عوف منهم .
قال ابن سعد : وفي بعض الروايات من يقول فيهم : معقل - بالعين المهملة والقاف ابن يسار ، وذكر فيهم الحاكم حرمي بن مبارك بن النجار كذا في المورد ولم أر له ذكرا في كتب الصحابة التي وقفت عليها .
وذكر ابن عائذ فيهم : مهدي بن عبد الرحمن ، كذا في العيون ، ولم أر له ذكرا فيما وقفت عليه من كتب الصحابة ، وذكر فيهم محمد بن كعب : سالم بن عمرو الواقفي ، قال ابن سعد : وبعضهم يقول : بنو مقرن السبعة ، وهم من مزينة انتهى ، وهم : البكاءون النعمان ، وسويد ، ومعقل ، وعقيل ، وسنان وعبد الرحمن والسابع لم يسم ، قيل اسمه عبد الله ، وقيل النعمان ، وقيل ضرار ، وقيل [ . . . ] وحكى ابن فتحون - قولا - أن بني مقرن عشرة فيتعين ذكر السبعة منهم .
وذكر في رواية ابن إسحاق يونس : وابن عمر أن عبلة بن زيد لما فقد ما يحمله ولم يجد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحمله خرج من الليل فصلى من ليلته ما شاء الله تعالى ، ثم بكى وقال : اللهم إنك أمرتنا بالجهاد ورغبت فيه ، وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني بها في مال أو جسد أو عرض ، ثم أصبح مع الناس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أين المتصدق هذه الليلة" فلم يقم أحد ، ثم قال : "أين المتصدق فليقم" فقام إليه فأخبره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أبشر ، فو الذي نفسي بيده لقد كتبت في الزكاة المتقبلة" .
قال ابن إسحاق ومحمد بن عمر : لما خرج البكاءون من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أعلمهم أنه لا يجد ما يحملهم عليه لقي يامين بن عمرو النضري أبا ليلى وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان ، فقال : ما يبكيكما ؟ ، قالا : جئنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحملنا ، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه ، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج ، ونحن نكره أن تفوتنا غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهما ناضحا له ، وزود كل واحد منهما صاعين من تمر ، زاد محمد بن عمر . [ ص: 440 ]
وحمل منهم رجلين ، وحمل العباس بن عبد المطلب منهم ثلاثة نفر بعد الذي جهز من الجيش . عثمان بن عفان