ذكر أقوام تخلفوا من غير عذر
روى ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وابن مردويه في الدلائل عن والبيهقي رضي الله عنهما . ابن عباس عن والبيهقي رحمه الله - في قوله تعالى : سعيد بن المسيب
وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا [التوبة 102] قال كانوا ابن عباس تبوك منهم : عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أبو لبابة ، وسمى منهم : قتادة جد بن قيس وجذام بن أوس . رواه . ابن أبي حاتم
فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، وكان ممر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع من المسجد عليهم ، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "من هؤلاء الموثقون أنفسهم" قالوا : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله ، فعاهدوا الله ألا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم فترضى عنهم وتعذرهم ، وقد اعترفوا بذنوبهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم ، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين"
فلما بلغهم ذلك قالوا :
ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله تبارك وتعالى هو الذي يطلقنا ، فأنزل الله تبارك وتعالى :
وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم [التوبة 102] وعسى من الله واجب ، إنه هو التواب الرحيم [البقرة 37] فلما نزلت أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فأطلقهم وعذرهم .
قال : فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن المسيب أبي لبابة ليطلقه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقه بيده ، فجاءوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما أمرت أن آخذ أموالكم"
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم يقول : استغفر لهم فأنزل الله تعالى : إن صلاتك سكن لهم [التوبة 103] [ ص: 479 ] يقول : رحمة لهم فأخذ منهم الصدقة ، واستغفر لهم وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجئوا سنة لا يدرون يعذبون أو يتاب عليهم ، لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة [التوبة 117] إلى آخر الآية . وقوله : فأنزل الله تعالى : وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله : ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم [التوبة 118] يعني استقاموا فأنزل الله تبارك - وتعالى - في شأن هذه الغزوة كثيرا من سورة براءة تقدم كثير من ذلك في محاله .
قال : وزعم البيهقي أن ارتباط ابن إسحاق أبي لبابة كان في وقعة بني قريظة ، وقد روينا عن ابن عباس ما دل على أن ارتباطه كان بتخلفه في غزوة وسعيد بن المسيب تبوك .