وعن رضي الله تعالى عنهما قال: كانت يهود ابن عباس خيبر تقاتل يهود غطفان، فلما [ ص: 113 ] التقوا انهزمت يهود خيبر. فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالوا: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله عز وجل: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .
رواه الحاكم والبيهقي.
وعن سلمة بن سلامة بن وقش بفتح الواو والقاف وإسكانها وبالشين المعجمة رضي الله تعالى عنه قال: كان بيننا يهودي فخرج على نادي قومه بني عبد الأشهل ذات غداة فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، فقال ذلك لأصحاب وثن لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، وذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ويحك يا فلان! وهذا كائن أن الناس مبعوثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ويجزون من أعمالهم؟ قال: نعم والذي يحلف به لوددت أن يكون حظي من تلك النار أن توقدوا أعظم تنور في داركم فتحموه ثم تقذفوني فيه ثم تطينوا علي وأن أنجو من تلك النار غدا. قالوا: فما علامة ذلك؟ قال: نبي يبعث من ناحية هذه البلاد. وأشار بيده نحو مكة واليمن. قالوا: فما الذي تراه. فرمى بطرفه إلي وأنا أحدث القوم فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه.
فما ذهب الليل والنهار حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لحي بين أظهرنا، فآمنا به وصدقناه وكفر به بغيا وعنادا، فقلنا له: يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت وأخبرتنا به؟
قال: ليس به.
رواه ابن إسحاق، في التاريخ وصححه والبخاري الحاكم.
قوله: إن يستنفد بكسر الفاء ودال مهملة أي يستكمل.
وروي عن محمد بن عدي أنه سأل أباه كيف سماه في الجاهلية محمدا؟ فقال:
خرجت مع جماعة من بني تميم، فلما وردنا الشام نزلنا على غدير عليه شجر، فأشرف علينا [ ص: 114 ] ديراني فقال: من أنتم؟ قلنا: من مضر. فقال: أما إنه سوف يبعث منكم وشيكا نبي فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا، فإنه خاتم النبيين. فقلنا: ما اسمه؟ فقال: محمد. فلما صرنا إلى أهلنا ولد لكل واحد منا غلام فسماه محمدا.
رواه الطبراني والبيهقي . وأبو نعيم
وشيكا: أي قريبا.
وروى ابن سعد عن رحمه الله تعالى قال: كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث من العرب اسمه سعيد بن المسيب محمد، فسمى من بلغه ذلك من ولد له محمدا، طمعا في النبوة.
وروى الطبراني عن والبيهقي رضي الله تعالى عنه قال: خرجت أنا أبي سفيان بن حرب وأمية بن أبي الصلت إلى الشام، فمررنا بقرية فيها نصارى، فلما رأوا أمية عظموه وأكرموه [ ص: 115 ] وأرادوه على أن ينطلق معهم، فقال لي أمية: يا أبا سفيان انطلق معي فإنك تمضي إلى رجل قد انتهى إليه علم النصرانية فقلت: لست أنطلق معك. فذهب ورجع وقال: تكتم علي ما أحدثك به؟ قال: نعم. قال: حدثني هذا الرجل الذي انتهى إليه علم الكتاب: أن نبيا مبعوث، فظننت أنني هو، فقال: ليس منكم، هو من أهل مكة. قلت: ما نسبه؟ قال: وسط قومه. وقال لي: إن آية ذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى ثمانين رجفة، وبقيت رجفة يدخل على أهل الشام منها شر ومصيبة: فلما صرنا قريبا من ثنية إذا راكب قلنا: من أين؟ قال: من الشام. قلنا: هل كان من حدث؟ قال: نعم، رجفت الشام رجفة دخل على الشام منها شر ومصيبة.
وروى عن ابن عساكر رضي الله تعالى عنه- قال: كنت جالسا بفناء الكعبة أبي بكر الصديق- وزيد بن عمرو بن نفيل قاعد، فمر به أمية بن أبي الصلت فقال: أما إن هذا النبي الذي- ينتظر منا أو منكم أو من أهل فلسطين. قال: ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي ينتظر فلا يبعث.
فخرجت أريد ورقة بن نوفل فقصصت عليه الحديث فقال: نعم يا بن أخي، أخبرنا أهل الكتاب والعلماء، أن هذا النبي الذي ينتظر من أوسط العرب نسبا، ولي علم بالنسب فقومك أوسط العرب نسبا. قال: يا عم وما يقول النبي؟ قال يقول ما قيل له، إلا أنه لا يظلم ولا يظالم.
قال: فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت وصدقت.
فلسطين بكسر الفاء وفتح اللام: ناحية من الشام. [ ص: 116 ]
وعن - رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن حارثة زيد بن عمرو بن نفيل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لي أرى قومك قد شنفوك؟» قال: أما والله إن ذلك لبغير ثائرة كانت مني إليهم، ولكن أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي هذا الدين حتى أتيت على شيخ بالجزيرة فأخبرته بالذي خرجت له، قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل بيت الله. قال: فإنه قد خرج في بلدك نبي أو خارج قد طلع نجمه، فارجع فصدقه وآمن به. فرجعت فلم أحس بشيء بعد.
قال: ومات زيد بن عمرو قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه أبو يعلى والطبراني وصححه . والحاكم
شنفوك بفتح الشين المعجمة وكسر النون: أي أبغضوك. ولغير ثائرة: أي لم أصنع لهم شرا.
وعن - رضي الله تعالى عنه- أن عامر بن ربيعة زيد بن عمرو بن نفيل قال: خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد، فأنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل اسمه أحمد ، ولا أراني أدركه، فأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فأقره مني السلام، وأخبرك يا عامر ما نعته حتى لا يخفى عليك: هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، وليس يفارق عينيه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد ، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره فإياك أن تخدع عنه فإني بلغت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم وكل من أسأله من اليهود والنصارى والمجوس يقول: هذا الدين وراءك. وينعتونه مثل ما نعته لك، ويقولون: لم يبق نبي غيره.
قال عامر : فلما تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته، فقال: قد رأيته في الجنة يسحب ذيله.
رواه ابن سعد . [ ص: 117 ] وأبو نعيم
وروى عن ابن عساكر - رحمه الله تعالى- قال: إن ابن إسحاق ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هالته وفظع بها، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه، فقال لهم: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بتأويلها. قالوا: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها. قال: إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها، إنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها.
فقيل له: إن كنت تريد هذا فابعث إلى سطيح وشق ، فإنه ليس أحد أعلم منهما، فهما يخبرانك بما تسأل عنه.
فبعث إليهما، فقدم عليه سطيح قبل شق ، فقال: إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. فقال: رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض تهمه، فأكلت كل ذات جمجمة. فقال الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح ، فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، ليهبطن أرضكم الحبش فليهلكن ما بين أبين إلى جرش. فقال الملك: وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أم بعده؟ قال: بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين من السنين. قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك منهم أحدا باليمن : قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟ قال: نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي. قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من بني غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد به المحسنون ويشقى به المسيئون. قال: أحق ما تخبرني به؟ قال: نعم والشفق والغسق، والفلق إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق. [ ص: 118 ]
ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح ، وكتم ما قاله سطيح ، لينظر أيتفقان أم يختلفان. قال: نعم رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما قال ذلك عرف أنهما قد اتفقا، فقال الملك: ما أخطأت منها شيئا يا شق ، فما عندك في تأويلها؟.
قال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان، فليغلبن على كل طفلة البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران .
فقال له: الملك: فمتى هو كائن؟ في زماني أم بعده؟ قال: بل بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن، ويذيقهم كأس الهوان. قال: ومن هذا العظيم الشأن؟ قال:
غلام ليس بدني ولا مدن، يخرج عليهم من بيت ذي يزن . قال: أفيدوم سلطانه أم ينقطع؟ قال:
بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل، بين أهل الدين والفضل يكون الملك فيه إلى يوم الفصل. قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم تجزى فيه الولاة، يدعى فيه من السماء بدعوات، يستمع منها الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. فقال: أحق ما تقول؟ قال إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.
قوله: فظع بها. الرواية بضم الفاء وفتحها. وصوب أبو ذر الخشني الفتح بوزن علم يقال: فظع بالشيء إذا رآه أمرا عظيما.
والعيافة : زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها.
والحممة : بضم الحاء وفتح الميمين وجمعها حمم وإنما أراد فحمة فيها نار، ولذلك قال: فأكلت منها كل ذات جمجمة أي رأس.
وظلمة: أصلها مسكن وإنما حركت للسجع قال السهيلي رحمه الله تعالى: وذلك أن الحممة قطعة من نار، وخروجها من ظلمة يشبه خروج عسكر الجيش من أرض السودان.
أرض تهمه بفتح التاء وكسر الهاء يعني واسعة منخفضة، وأكلت منها كل ذات جمجمة أي رأس، ولم يقل ذي جمجمة لأن القصد النفس والنسمة، فهي أعم، ولو جاء بالتذكير لكان مختصا بالإنسان. [ ص: 119 ]
والحرة: بفتح الحاء المهملة: أرض غليظة تركبها حجارة سود وإنما حلف بالحنش وهي من الحيات لما يحكى أن الجن تتشكل وتتصور فيها.
أبين بفتح الهمزة فباء موحدة ساكنة فمثناة تحتية فنون: موضع باليمن . جرش بضم الجيم وفتح الراء وشين معجمة: أرض باليمن أيضا. عدن : اسم بلد بها.
الغسق : الظلمة. الفلق الصبح. اتسق: تتابع وتوالى. الأكمة: الكدية. ويروى: كل ذات نسمة بالرفع هنا وفي الأولى. قال والصواب النصب، لأن الجمجمة هنا هي الآكلة وليست المأكولة، ولذلك فسرها الخشني: بالحبشة الذين غلبوا على اليمن .
طفلة بفتح الطاء واللام وسكون الفاء بينهما. البنان: أطراف الأصابع، وقد يعبر بها عن الأصابع كلها. قال في الصحاح: الطفل بالفتح: الناعم. يقال: جارية طفلة أي ناعمة. وبنان طفل وإنما جاز أن يوصف البنان وهو جمع بالطفل وهو واحد: لأن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه يوحد ويذكر.
نجران ، بنون مفتوحة وجيم ساكنة: قال : مدينة أبو عبيد البكري بالحجاز من شق اليمن معروفة، سميت بنجران بن زيد بن يشجب بن يعرب ، وهو أول من نزلها وقال في النهاية: موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن .
وبغلام ليس بدني ولا مدن بضم الميم وفتح الدال المهملة- وهو بنون، وسكنه هنا للسجع، قال : هو المقصر في الأمور. وقال غيره: هو الذي جمع الضعف مع الدناءة. الخشني
وما فيه أمض : بفتح الهمزة وسكون الميم والضاد المعجمة أي ما فيه شك ولا ارتياب. [ ص: 120 ]
قال السهيلي رحمه الله تعالى: كان سطيح جسدا ملقى لا جوارح له فيما يذكرون. قال وكذلك شق إنما له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة.
ويروى عن - رحمه الله تعالى- أنه قال: قيل وهب بن منبه لسطيح : أنى لك هذا العلم؟
فقال لي صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم الله تعالى فيه موسى فهو يؤدي إلي من ذلك ما يؤديه.
وولد شق وسطيح في اليوم الذي ماتت فيه طريفة الكاهنة ، ودعت بسطيح قبل أن تموت، فأتيت به فتفلت في فيه وأخبرت أنه سيخلفها في علمها وكهانتها، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق. ودعت بشق ففعلت به مثل ما فعلت بسطيح ثم ماتت وعمر سطيح زمانا طويلا حتى أدرك مولد النبي صلى الله عليه وسلم ورأى كسرى أنو شروان .
قلت: روى أبو نعيم عن وابن عساكر - رضي الله تعالى عنهما- قال: خلق الله ابن عباس سطيحا لحما على وضم، وكان يحمل على وضمة فيؤتى به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفين. وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه.
الوضم بفتحتين: كل شيء يحمل عليه اللحم من خشب أو بارية.
وروى : بلغني أن ابن عساكر سطيحا ولد في أيام سيل العرم وتوفي في العام الذي ولد فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه عاش خمسمائة سنة. وقيل ثلاثمائة سنة.
وروى ابن سعد وأبو نعيم عن وابن عساكر أبي نملة - رحمه الله تعالى- قال: كانت يهود بني قريظة يدرسون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبهم ويعلمونه الولدان بصفته واسمه ومهاجره إلى المدينة . فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدوه وبغوا وأنكروا .
وروى ابن سعد عن - رضي الله تعالى عنهما- عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه- قال: لما قدم أبي بن كعب تبع المدينة ونزل بقناة بعث إلى أحبار يهود فقال: إني مخرب هذا البلد. فقال له سامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا البلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد ، وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتلى والجراح أمر يكثر في أصحابه وفي عدوهم.
قال تبع: ومن يقاتله يومئذ؟ قال: يسير إليه قومه فيقتتلون هاهنا. قال: فأين قبره؟ قال:
بهذا البلد. قال: فإذا قوتل لمن تكون الدبرة؟ قال: تكون مرة له ومرة عليه، وبهذا الذي أنت به [ ص: 121 ] تكون عليه ويقتل أصحابه مقتلة لم يقتلوا في موطن مثلها، ثم تكون له العاقبة ثم يظهر فلا ينازعه في هذا الأمر أحد.
قال: وما صفته؟ قال: رجل لا بالطويل ولا بالقصير، في عينيه حمرة، يركب البعير ويلبس الشملة سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى أخا أو ابن عم أو عما حتى يظهر أمره.
قناة بقاف مفتوحة بعدها نون: قال البكري: واد من أودية المدينة.
وذكر ابن ظفر عن سفيان بن مجاشع أنه رأى قوما من تميم اجتمعوا على كاهنة لهم فسمعها تقول: العزيز من والاه، والذليل من خالاه، والموفور من مالاه، والموتور من عاداه.
فقال سفيان: من تذكرين لله أبوك؟ فقالت: صاحب حل وحرم وهدى وعلم، وبطش وحلم، وحرب وسلم، رأس رؤوس وأبيض شموس وماحي بوس وماهد وعوس، وناعش متعوس.
فقال سفيان: لله أبوك من هو؟ قالت، نبي مؤيد، قد أتى حين يوجد. ودنا أوان يولد، يبعث إلى الأحمر والأسود بكتاب لا يفند، اسمه محمد. فقال سفيان: لله أبوك أعرابي هو أم عجمي؟ أما والسماء ذات العنان والشجرات ذات الأفنان إنه لمن معد بن عدنان. فقدك يا سفيان. فأمسك عنها ثم ولد له غلام فسماه محمدا رجاء أن يكون الموصوف.
تفسير الغريب
خالاه: بالخاء المعجمة: برئ منه وتركه. حل وحرم: أي حلال وحرام.
رأس رؤوس: أي سيد سادة. والرأس: السيد.
ماحي بوس: أي مذهبه. والمحو: القشر. وبه سميت الممحاة .
الوعوس : جمع وعس وهو من صفة الرمل الذي يشق السير فيه.
ناعش: بالنون والشين المعجمة من نعشه الله نعشا: رفعه. المتعوس: العاثر، والمستعمل في هذا: تعس وأتعسه الله فجاء على مثال مسعود. [ ص: 122 ]
لا يفند: أي لا يخطأ ولا يضعف رأيه.
العنان بفتح العين المهملة بعدها نون: السحاب، الواحدة عنانة.
الأفنان: هي الأغصان، الواحدة: فنن.
فقدك يا سفيان: أي حسبك وكفاك.
وروي عن عمرو بن عبسة - بعين وبسين مهملتين بينهما باء موحدة مفتوحات- رضي الله تعالى عنه: قال رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، ورأيت الباطل يعبدون الحجارة، فلقيت رجلا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين فقال: يخرج رجل بمكة ويرغب عن آلهة قومه ويدعو إلى غيرها، وهو يأتي بأفضل الدين فإذا سمعت به فاتبعه. فلم يكن بي هم إلا مكة آتيها فأسأل: هل حدث فيها أمر؟ فيقولون لا. فإني لقاعد على الطريق إذا مر بي راكب فقلت: من أين جئت؟ قال: من مكة. قلت: هل حدث فيها خبر؟ قال: نعم، رجل رغب عن آلهة قومه ودعا إلى غيرها. فقلت: صاحبي الذي أريد. فأتيته فوجدته مستخفيا، فقلت: ما أنت؟
قال: نبي. قلت: وما النبي؟ قال: رسول. قلت: من أرسلك؟ قال: الله. قلت: بماذا أرسلك؟
قال: أن توصل الأرحام وتحقن الدماء وتؤمن السبل وتكسر الأوثان ويعبد الله ولا يشرك به شيئا.
قلت: نعم ما أرسلك به، أشهدك أني قد آمنت بك وصدقتك أفأمكث معك ما ترى؟ قال: ترى كراهة الناس لما جئت به فامكث في أهلك، فإذا سمعت أني قد خرجت مخرجا فاتبعني. فلما سمعت به صلى الله عليه وسلم خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه.
رواه ابن سعد وأبو نعيم . وابن عساكر
وروى أبو نعيم عن وابن عساكر رضي الله تعالى عنه قال: بلغني أن بني إسرائيل لما أصابهم ما أصابهم من ظهور بختنصر- وفرقتهم وذلهم تفرقوا، وكانوا يجدون أبي هريرة محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثا في كتبهم وأنه سيظهر في بعض القرى العربية في أرض ذات نخل، ولما خرجوا من أرض الشام جعلوا يتقرون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن يجدون نعتها نعت يثرب ، فنزل بها طائفة منهم ويرجون أن يلقوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيتبعونه، حتى نزل من بني هارون بيثرب منهم طائفة، فمات أولئك الآباء وهم مؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه جاء ويحثون أبناءهم على اتباعه إذا جاء، فأدركه من أدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه.
بخت بضم الموحدة وإسكان الخاء المعجمة ثم مثناة فوقية ونصر بفتح النون والصاد [ ص: 123 ] المهملة المشددة. قال في القاموس: بخت معناه: ابن. ونصر كبقم كان عند الصنم ولم يوجد له أب فنسب إليه.
وروى عن أبو نعيم - رضي الله تعالى عنه- أنه قال: والله إني لفي منزلي وأنا ابن سبع سنين وأنا أحفظ ما أرى وأعي ما أسمع وأنا مع أبي إذ دخل علينا فتى منا يقال له حسان بن ثابت ثابت بن الضحاك، فتحدث فقال: زعم يهودي في بني قريظة الساعة وهو يلاحيني: قد أظل زمان خروج نبي يأتي بكتاب مثل كتابنا يقتلكم قتل عاد وإرم. قال فو الله إني لعلى فارع، يعني أطما، في السحر إذ سمعت صوتا لم أسمع قط صوتا أنفذ منه، فإذا يهودي على ظهر أطم من آطام حسان: المدينة معه شعلة من نار، فاجتمع إليه الناس فقالوا: ما لك ويلك: قال:
هذا كوكب أحمد قد طلع، هذا كوكب لا يطلع إلا للنبوة، ولم يبق من الأنبياء إلا أحمد. قال:
فجعل الناس يضحكون ويعجبون بما يأتي به.
وكان رضي الله تعالى عنه- عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام. حسان-
يلاحيني: أي يخاصمني وينازعني. الفارع بالفاء والراء والعين المهملتين: المرتفع العالي. والأطم بالضم: بناء مرتفع.
وروى الواقدي عن وأبو نعيم حويصة بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- وهو بضم الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية، وقيل يجوز تخفيفها، قال: كنا ويهود فينا كانوا يذكرون نبيا يبعث بمكة اسمه ولم يبق من الأنبياء غيره، وهو في كتبنا وما أخذ علينا صفته كذا وكذا. حتى يأتوا على نعته. قال: وأنا غلام وما أرى أحفظ وما أسمع أعي إذ سمعت صياحا من ناحية أحمد، بني عبد الأشهل، فإذا قوم فزعوا وخافوا أن يكون أمر حدث، ثم خفي الصوت ثم عاد فصاح ففهمنا صياحه: يا أهل يثرب هذا كوكب أحمد الذي ولد به. قال: [ ص: 124 ] فجعلنا نعجب من ذلك، ثم أقمنا دهرا طويلا ونسينا ذلك، فهلك قوم وحدث آخرون وصرت رجلا كبيرا، فإذا مثل ذلك الصياح بعينه: يا أهل يثرب قد خرج محمد وتنبأ وجاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه الصلاة والسلام. فلم أنشب أن سمعت أن بمكة رجلا خرج يدعي النبوة، وخرج من خرج من قومنا وتأخر من تأخر وأسلم فتيان منا أحداث ولم يقض لي أن أسلم، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة .
أنشب: أي لم ألبث.
وروى عن أبو نعيم أبي سعيد مالك بن سنان الخدري بالخاء المعجمة والدال المهملة- رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت أبي يقول: جئت بني عبد الأشهل يوما لأتحدث فيهم، فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظل خروج نبي يقال له أحمد يخرج من الحرم. فقيل له: ما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة يلبس الشملة ويركب الحمار، سيفه على عاتقه، وهذه البلد مهاجره. فرجعت إلى قومي بني خدرة وأنا أتعجب مما قال، فأسمع رجلا منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟ كل يهود يثرب تقول هذا. فخرجت حتى جئت بني قريظة فأجد جمعا فتذاكروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبي وظهوره، ولم يبق من الأنبياء أحد إلا أحمد وهذه مهاجره.
أظل: قرب.
وروى عن ابن عساكر كعب- رحمه الله تعالى- قال: كان إسلام رضي الله تعالى عنه- سببه وحي من السماء، وذلك أنه كان تاجرا أبي بكر الصديق- بالشام فرأى رؤيا فقصها على بحيرى الراهب فقال له: من أين أنت؟ قال: من مكة. قال: من أيها؟ قال: من قريش. قال:
فأي شيء أنت؟ قال: تاجر. قال: صدق الله تعالى رؤياك، فإنه يبعث نبي من قومك تكون وزيره في حياته وخليفته بعد موته. فأسرها حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبو بكر محمد ما الدليل على ما تدعي؟
قال: الرؤيا التي رأيت بالشام.
فعانقه وقبل بين عينيه وقال: أشهد أنك رسول الله. [ ص: 125 ]
وروى أبو نعيم من طريق والبيهقي عفير بن زرعة بن سيف بن ذي يزن عن أبيه قال: لما ظهر سيف ذي يزن على الحبشة، وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، أتاه وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتهنئه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه. وأتاه وفد قريش منهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جدعان وأسد بن عبد العزى ووهب بن عبد مناف وقصي بن عبد الدار ، فدخل عليه آذنه وهو في رأس قصر يقال له غمدان، وهو الذي قال فيه أمية بن أبي الصلت الثقفي:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دار منك مهلالا [ ص: 126 ] واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
وأسبل اليوم في برديك إسبالا تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا برديك بعد أبوالا
قال له الملك: من أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم. قال: ابن أختنا؟
قال: نعم. قال: ادنه. ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: مرحبا وأهلا- فأرسلها مثلا، وكان أول من تكلم بها- وناقة ورحلا ومستناخا سهلا وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم، فإنكم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم.
ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود وأجري عليهم الأنزال، فأقاموا بذلك شهرا لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم بالانصراف.
ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال له: يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي أمرا لو غيرك يكون لم أبح له به، ولكن رأيتك معدنه فأطلعتك طلعه، فليكن عندك مخبأ حتى يأذن الله عز وجل فيه، إني أجد في الكتاب المكتوب والعلم المخزون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجيناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة. فقال له عبد المطلب: مثلك أيها الملك سر وبر: فما هو؟ فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر. قال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه [ ص: 127 ] شامة، كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلب: أيها الملك أبت بخير ما آب بمثله وافد قوم، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من ساره إياي كيما أزداد به سرورا. فقال له الملك: هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد، اسمه محمد، يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه، ولدناه مرارا والله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا، يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس عن عرض ويستفتح بهم كرائم أهل الأرض، يعبد الرحمن ويدحض أو يدحر الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان. قوله فصل وحكمه عدل، ويأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله.
قال له عبد المطلب: عز جدك ودام ملكك وعلا كعبك، فهل الملك ساري بإفصاح فقد وضح لي بعض الإيضاح قال له سيف بن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب إنك لجده يا عبد المطلب غير كذب.
قال: فخر عبد المطلب ساجدا، فقال له سيف بن ذي يزن: ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا كعبك، فهل أحسست بشيء مما ذكرته لك؟ قال: نعم أيها الملك إنه كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا وإني زوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فجاءت بغلام فسميته محمدا مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه.
فقال له سيف بن ذي يزن: إن الذي قلت كما قلت فاحتفظ من ابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا واطو ما ذكرته لك عن هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تتداخلهم النفاسة من أن تكون لهم الرياسة، فينصبون له الحبائل ويبغون له الغوائل، وهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شك، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن بيثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولولا أني أقيه من الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره ولأوطأت على أسنان العرب كعبه، ولكني سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك.
ثم دعا بالقوم وأمر لكل واحد منهم بعشرة أعبد سود وعشرة إماء سود وحلتين من حلل [ ص: 128 ] البرود، وعشرة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة ومائة من الإبل، وكرش مملوءا عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك. ثم قال: إذا حال الحول فأتني بخبره وما يكون من أمره.
قال: فمات سيف بن ذي يزن قبل أن يحول عليه الحول.
قال: وكان كثيرا ما يقول عبد المطلب: يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد، ولكن ليغبطني بما يبقى لي ولعقبي ذكره وفخره. فإذا قيل: وما هو؟ سيعلم ما أقول ولو بعد حين.
قال رحمه الله تعالى-: وقد روي هذا الحديث أيضا عن البيهقي- عن الكلبي أبي صالح عن رضي الله تعالى عنهما. ابن عباس
تفسير الغريب
بلاؤه: أي إحسانه. مرتفقا: أي متكئا أو من الرفق.
غمدان بضم الغين المعجمة: قصر باليمن. محلالا من الحلول ويروى مهلالا أي متهللا. شالت نعامتهم: قال في النهاية: النعامة: الجماعة إذا تفرقوا. وفي الصحاح: يقال للقوم إذا ارتحلوا عن مياههم أو تفرقوا: قد شالت نعامتهم.
متضمخ: متلطخ. العبير بعين مهملة فباء موحدة فمثناة تحتية: نوع من الطيب. يلصف بالصاد المهملة والفاء: مضارع لصف لصفا ولصيفا إذا برق. الوبيص: البرق أيضا. المقاول:
جمع قيل وهو الملك من ملوك حمير: دون الملك الأعظم. شامخا: مرتفعا باذخا بالذال والخاء المعجمتين: أي عاليا. الأرومة وزن الأكولة: الأصل. الجرثومة بضم الجيم والثاء المثلثة الأصل أيضا. بسق: طال. أبيت اللعن: أي أبيت أن تأتي من الأمور ما تلعن عليه.
فدحنا بفاء فدال فحاء مهملتين فنون مفتوحات. أثقلنا. السدنة: بسين فدال مهملتين فنون:
الخدمة. ربحلا: براء مكسورة فموحدة فحاء مهملة مفتوحة: الكثير العطاء.
أهل الليل والنهار: أي لا يحجبون ليلا ولا نهارا. الحباء بكسر الحاء المهملة وبالمد:
العطاء. احتجيناه بحاء مهملة فمثناة فوقية فجيم فتحتية فنون أي اكتتمناه. أبت بكسر أوله.
رجعت. ساره إياي: أي مساررته لي. النقب بضم النون جمع نقب وهو الطريق. الزعامة بفتح الزاي: أي السيادة. [ ص: 129 ]
عن عرض: بضم العين المهملة أي لا يبالون من لقوا دونه ولا يخافون أحدا بل يضربون كل من عرض لهم دونه بشر. وعرض الشيء ناحية منه. علا كعبك: هو دعاء له بالشرف والعلو، والأصل فيه كعب القناة وهو أنبوبتها، وما بين كل عقدتين منها كعب، وكل شيء علا وارتفع فهو كعب.
مجتاحي بجيم فمثناة فوقية وحاء مهملة: أي مستأصلي ومهلكي.
وروى عن طريق أبو نعيم محمد بن عمر الأسلمي عن شيوخه. قالوا: بينما عبد المطلب يوما في الحجر وعنده أسقف نجران، وكان صديقا له وهو يحادثه ويقول: إنا نجد صفة نبي بقي من ولد إسماعيل، هذا البلد مولده، من صفته كذا وكذا. وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه الأسقف وإلى عينه وإلى ظهره وإلى قدميه فقال: هو هذا، ما هو منك؟ قال: ابني. قال: لا، ما نجد أباه حيا. قال: هو ابن ابني وقد مات أبوه وأمه حبلى به. فقال: صدقت. قال عبد المطلب لبنيه: تحفظوا بابن أخيكم، ألا تسمعون ما يقال فيه.
والأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة وفيما ذكر كفاية. [ ص: 130 ]