الباب الثاني فيما عبر صلى الله عليه وسلم من الرؤيا ، أو عبر بين يديه وأقره
روى ابن أبي شيبة والإمام أحمد وأحمد بن منيع وعبد بن حميد والحارث في الكبرى ، والنسائي وابن حبان الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين رضي الله تعالى عنه أنه رأى في النوم كأنه يسجد على جبين ، - وفي لفظ- جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الروح لا تلقى الروح» فأقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، وفي لفظ فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره فسجد من خلفه ، وقال : صدق رؤياك فسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم . خزيمة بن ثابت عن
وروى والشيخان عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر . كان رجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاما شابا عزبا أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى أبو يعلى من طريق والإمام أحمد عن ابن لهيعة رضي الله تعالى عنهما ، عبد الله بن عمرو أنه رأى في المنام كأن في إحدى أصبعيه عسلا ، وفي الأخرى سمنا ، فكان يلعقهما بأصبع ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن عشت تقرأ الكتابين التوراة والفرقان» ، فكان يقرؤهما .
وروى ابن السكن الحراني من طريق والطبراني سليمان بن عطاء القريشي الحراني عن سلمة بن عبد الله الجهني ، قال الحافظ في الإصابة : في إسناده ضعف ، عن ابن زمل واسمه عبد الله ، وقيل عبد الرحمن وقيل الضحاك الجهني رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قال- وهو ثان رجله- : «سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله ، إن الله كان توابا ، سبعين مرة» ، ثم يقول سبعين بسبعمائة ، : «لا خير فيمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة» ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : «هل رأى أحد منكم شيئا ؟ » فقال ابن زمل فقلت : أنا يا نبي الله ، قال : «خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر لأعدائنا ، والحمد لله رب العالمين ، اقصص رؤياك» فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك إذا أنا بذلك الطريق على [ ص: 262 ] مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا ، يقطر ماؤه ، وفيه من أنواع الكلإ ، فكأني بالرعلة الأولى حين أشنفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ومضوا على ذلك ، ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، وقالوا : هذا خير المنزل ، وكأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا ، فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات ، وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم مسبل أقنى ، إذا هو يتكلم يفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة تار أحمر كثير خيلان الوجه ، كأنما عمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم له إكراما له ، وإذا أمامكم رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمامه ناقة عجفاء شارف ، فإذا بك أنت يا رسول الله ، كأنك تبعثها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب فذاك ما حملتكم عليه من الهدي الذي أنتم عليه ، وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشتها ، مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ولم تتعلق منا ولم نردها ولم تردنا ، ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا ، وهم أكثر أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك ، ثم جاء عظم الناس فمالوا على المرج يمينا وشمالا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وأما أنت فمضيت على طريقة صالحة ، فلم تزل عليها حتى تلقاني ، وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، وأنا في آخرها ألفا ، وأما الرجل الذي رأيت عن يميني الآدم المسبل فذاك موسى بن عمران عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله تعالى إياه ، والرجل الذي رأيت عن يساري التار والربعة الكثير خيلان الوجه فذاك عيسى ابن مريم عليهما السلام ، نكرمه لإكرام الله تعالى إياها ، وإن الشيخ الذي رأيته أشبه الناس بي خلقا ووجها ، فذاك أبي إبراهيم عليه السلام ، كلنا نؤمه ونقتدي به ، وأما الناقة التي رأيتها ورأيتني أبعثها فهي الساعة علينا تقوم ، لا نبي بعدي ولا أمة بعد أمتي» .