الباب السابع عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في صلاة الجماعة .
وفيه أنواع :
الأول : في محافظته- صلى الله عليه وسلم- على صلاة الجماعة .
وروى برجال ثقات عن الطبراني رضي الله تعالى عنه- أبي بكرة- المدينة يريد الصلاة ، فوجد الناس قد صلوا ، فمال إلى منزله فجمع أهله فصلى بهم» . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أقبل من نواحي
وروى الإمام أحمد وأبو داود بسند حسن عن والترمذي رضي الله تعالى عنه- قال : أبي سعيد الخدري- . «جاء رجل ، وقد صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «أيكم يتجر على هذا» ، فقام رجل فصلى معه»
وروى عن الدارقطني رضي الله تعالى عنه- أنس- . أن رجلا جاء- وقد صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقام يصلي وحده ، فقال : «من يتجر على هذا فيصلي معه»
الثاني : في تسويته- صلى الله عليه وسلم- الصفوف .
روى الإمام أحمد وأبو داود عن والنسائي رضي الله تعالى عنه- قال : البراء بن عازب-
«لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ، ويقول :
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنه- قال : أنس- . أقيمت الصلاة ، وأقبل علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بوجهه فقال : «أقيموا صفوفكم وتراصوا»
وروى عن أبو داود محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة قال : يوما ، فقال : هل تدري لم صنع هذا العود ؟ قلت : لا والله ، قال : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ، ثم التفت فقال : «اعتدلوا سووا ، صفوفكم» ثم أخذه بيساره ثم قال : «اعتدلوا سووا صفوفكم» أنس بن مالك . [ ص: 189 ] «صليت إلى جانب
وروى عن مسلم رضي الله تعالى عنه- قال : النعمان بن بشير- ] . كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى [رأى أنا] قد عقلنا عنه ، ثم خرج [فقام حتى كاد يكبر ، فرأى رجلا باديا صدره من الصف ، فقال : «عباد الله لتسون صفوفكم ، أو ليخالف الله بين وجوهكم»
وروى عنه ، قال : أبو داود . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة ، فإذا استوينا كبر»
الثالث : في المدينة . استخلافه- صلى الله عليه وسلم- في الإمامة إذا خرج- صلى الله عليه وسلم- من
روى الإمام أحمد عن وأبو داود رضي الله تعالى عنه- قال : أنس- يؤم الناس» ابن أم مكتوم . «استخلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- على ابن أم مكتوم المدينة يصلي بالناس» . «استخلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وروى أيضا عن عبد الله بن بحينة- رضي الله تعالى عنه- المدينة فكان يؤذن ويقيم فيصلي بهم» ابن أم مكتوم ، . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا سافر استخلف على
الرابع : في تجوزه في الصلاة إذا سمع بكاء الصغير .
روى الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، عن والدارقطني رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : أنس- . «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها ، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه ، من بكائه»
ولفظ أبي قتادة : «كراهة أن أشق على أمه» .
وروى عن الدارقطني ، ابن سابط مرسلا ، «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح فقرأ بستين آية فسمع صوت صبي فركع ، ثم قام فقرأ بآيتين ، ثم ركع» . [ ص: 190 ]
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنه- قال : أنس بن مالك- . «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه»
وروى الإمام برجال الصحيح- عن أحمد- رضي الله تعالى عنه- أبي هريرة- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سمع صوت صبي في الصلاة فخفف»
وروى برجال ثقات عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : البزار . «إني لأسمع صوت الصبي وأنا في الصلاة فأخفف مخافة أن تفتن أمه»
الخامس : في صلاة النساء معه- صلى الله عليه وسلم- ، في المسجد .
روى عن الطبراني ، سليمان بن أبي حثمة ، عن أمه ، وعن أم سليم بنت أبي حكيم- رضي الله تعالى عنهما- قالتا : . «أدركنا القواعد من النساء ، وهن يصلين مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الفرائض»
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة- . «كن النساء يصلين مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الغداة ، ثم يخرجن متلفعات بمروطهن»
السادس : في مقاربته خطاه- صلى الله عليه وسلم- إذا قصد الصلاة مع الجماعة .
روى مرفوعا وموقوفا- ورجال الموقوف رجال الصحيح- عن الطبراني رضي الله تعالى عنه- قال : زيد بن ثابت- . كنت أمشي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونحن نريد الصلاة ، فكان يقارب الخطا ، فقال : «أتدري لم أقارب ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم قال : «لا يزال العبد في صلاة ما دام في طلب الصلاة»
وفي رواية : «إنما فعلت ذلك لتكتب خطاي في طلب الصلاة» .
السابع : في تطويله الركعة الأولى من الظهر .
روى الإمام أحمد ، عن وأبو داود ، رضي الله عنه- قال : عبد الله بن أبي أوفى- . «كان [ ص: 191 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقوم في الركعة الأولى من الظهر حتى لا يسمع وقع قدم»
الثامن : في انتظاره- صلى الله عليه وسلم- كثرة الجماعة .
روى مرسلا عن أبو داود أبي النضر سالم بن أبي أمية- رحمه الله تعالى- قال : . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين تقام الصلاة في المسجد إذا رآهم قليلا جلس لم يصل ، وإذا رآهم جماعة صلى»
التاسع : في تذكره- صلى الله عليه وسلم- وهو في الصلاة أنه محدث ورجوعه إلى الإمامة .
روى الشيخان ، وابن ماجه ، عن والدارقطني ، رضي الله تعالى عنه- أبي هريرة- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جاء إلى الصلاة ، فلما كبر ، انصرف ، وأومأ إليهم كما أنتم ، ثم خرج ، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم .
وفي لفظ «أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم» .
وفي رواية : حتى إذا قام في مصلاه ، انتظرنا أن يكبر انصرف . انتهى .
فلما انصرف قال : «إني خرجت إليكم جنبا ، فنسيت أن أغتسل ، حتى قمت في الصلاة» .
وروى عن الدارقطني رضي الله تعالى عنهما- قال : البراء بن عازب- «صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوم ، وليس هو على وضوء ، فتمت للقوم وأعاد هو» .
وروى برجال الصحيح ، عن الطبراني رضي الله تعالى عنه- أنس- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل في صلاته فكبر وكبرنا معه ، فأشار إلى القوم كما أنتم فلم نزل قياما حتى أتانا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد اغتسل ورأسه يقطر ماء»
وروى الإمام أحمد ، واللفظ له . عن والطبراني ، رضي الله تعالى عنه- قال : علي-
«إني كنت صليت بكم وأنا جنب ، فمن أصابه مثل الذي أصابني ، أو وجد في بطنه رزا فليصنع مثل الذي صنعت» . [ ص: 192 ] صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما فانصرف ونحن قيام ، ثم جاء ورأسه يقطر ماء فصلى بنا ، ثم قال :
وفي لفظ فلينصرف وليغتسل ، ثم ليأت فليستقبل صلاته .
وروى عن الطبراني ، رضي الله تعالى عنه- أبي هريرة- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبر بهم في صلاة الصبح ، فأومأ إليهم ، ثم انطلق ، ورجع ورأسه يقطر فصلى بهم ثم قال : «إنما أنا بشر [مثلكم] وإني كنت جنبا فنسيت»
وروى الإمام أحمد ، عن وأبو داود ، رضي الله تعالى عنه- أبي بكرة- . أن النبي- صلى الله عليه وسلم- استفتح الصلاة فكبر ، ثم أومأ إليهم أن مكانكم ، ثم دخل فخرج ورأسه يقطر ماء فلما قضى صلاته قال : «إنما أنا بشر وإني كنت جنبا»
العاشر : في رضي الله تعالى عنهم . صلاته- صلى الله عليه وسلم- خلف بعض أصحابه-
روى الإمامان : مالك ، وأحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، عن وابن ماجه ، رضي الله تعالى عنه- المغيرة بن شعبة- تبوك ، قال : فتبرز- رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الغائط فحملت معه إداوة وذكر الحديث ووضوء النبي- صلى الله عليه وسلم- فأقبلت معه حين سجد الناس ، قد قدموا وقد ركع بهم ركعة ، فلما أحس بالنبي- صلى الله عليه وسلم- ذهب يتأخر ، فأومأ إليه فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف ، . أنه غزا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
الحادي عشر : في صلى الله عليه وسلم . إدارته- صلى الله عليه وسلم- من صلى على يساره-
روى الشيخان ، عن رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- . صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقمت عن يساره ، فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه
وروى عن مسلم رضي الله تعالى عنهما- قال : جابر بن عبد الله- جابر بن صخر فقام عن يسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخذ بأيدينا جميعا فأقامنا خلفه» . [ ص: 193 ] «صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فجئت فقمت عن يساره ، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، ثم جاء
وروى الإمام أحمد عن والطبراني جابر بن صخر- رضي الله تعالى عنه- قال : مكة ، قال : «اتبعني بالإداوة» فتبعته بماء فتوضأ فأحسن وضوءه ، وتوضأت معه ، ثم قام يصلي فقمت عن يساره فأخذ بيدي فحولني عن يمينه فصلينا» . «إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو بطريق
وروى برجال موثقين عن البزار رضي الله تعالى عنه- قال : أنس- . «صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأقامني عن يمينه»
وروى عن البزار رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر- . «أنه لقي النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو قائم يصلي في ثوب واحد ، فقمت عن شماله ، فأدارني حتى جعلني عن يمينه»
الثاني عشر : في صفه الرجال ثم الصبيان ثم النساء .
روى الإمام أحمد ، عن وأبو داود ، أبي مالك الأشعري- رضي الله تعالى عنه- قال : . كان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا أقام الصلاة صف الرجال ، وصف الغلمان خلفهم ، والنساء خلفهم
الثالث عشر : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- في مكان أعلى من مكان المأمومين ليعلمهم .
روى الإمام والشيخان ، أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، عن والبيهقي ، رضي الله تعالى عنه- قال : سهل بن سعد الساعدي- . «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أول يوم جلس على المنبر ، فقام عليه فكبر ، وكبر الناس وراءه ، وهو على المنبر»
الرابع عشر : في أمره المؤذن إذا كانت ليلة مطيرة- أن يقول بعد الأذان ، ألا صلوا في رحالكم .
روى الإمام مالك والشافعي ، والشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي ، عن وابن ماجه رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر- . [ ص: 194 ] أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر ، أن يقول : ألا صلوا في رحالكم
الخامس عشر : في اقتدائه- صلى الله عليه وسلم- بغيره .
وفيه نوعان :
الأول : في بعبد الرحمن بن عوف . اقتدائه- صلى الله عليه وسلم-
روى الإمام مالك ، وأحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، عن وابن ماجه ، رضي الله تعالى عنه- المغيرة بن شعبة- وقد ركع بهم ركعة ، فلما أحس بالنبي- صلى الله عليه وسلم- ذهب يتأخر فأومأ إليه يصلي بهم فأدرك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأخيرة ، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن ، قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتم صلاته ، فأفزع ذلك المسلمين ، فأكثروا التسبيح ، فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاته ، أقبل عليهم ، ثم قال : «أحسنتم وأصبتم» يغبطهم أن صلوا الصلاة بوقتها . أنه غزا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتبرز النبي- صلى الله عليه وسلم- الغائط فحملت معه إداوة وذكر الحديث . ووضوء النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال فيه وأقبلت معه حين سجد الناس ، فقدموا
وروى ابن سعد بسند صحيح عن رضي الله تعالى عنه- المغيرة بن شعبة- قال : نعم ، كنا في سفر فلما كان عند السحر انطلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وانطلقنا معه ، حتى تبرزنا عن الناس ، فنزل عن راحلته ثم انطلق فتغيب عني حتى ما أراه ، فمكث طويلا ، ثم جاء فصببت عليه فتوضأ ومسح على خفيه ، ثم ركبنا ، فأدركنا الناس ، وقد أقيمت الصلاة ، فتقدمهم أبي بكر الصديق ؟ وقد صلى بهم ركعة وهم في الثانية فذهبت أوذنه ، فنهاني فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سبقتنا ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- حين صلى عبد الرحمن بن عوف «ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته» عبد الرحمن بن عوف : . هل أم النبي- صلى الله عليه وسلم- أحد [من هذه الأمة] غير
الثاني : في بأبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه . اقتدائه- صلى الله عليه وسلم-
روى الإمام أحمد ، وقال : حسن صحيح- عن والترمذي- رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة- في مرضه الذي مات فيه ، قاعدا» أبي بكر الصديق . «صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خلف
وروى وقال : حسن صحيح- الترمذي- عن والنسائي ، رضي الله تعالى عنه- [ ص: 195 ] قال : أنس- قاعدا في ثوب متوشحا به» أبي بكر . «صلى النبي- صلى الله عليه وسلم- خلف
وروى في المعرفة عن البيهقي رضي الله تعالى عنه- أنس- في ثوب واحد برد مخالف بين طرفيه ، فلما أراد أن يقوم قال : «ادع لي أبي بكر أسامة بن زيد» فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكان آخر صلاة صلاها . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى خلف
وروى عنه أيضا قال : النسائي رضي الله تعالى عنه أبي بكر- . آخر صلاة صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مع القوم ، صلى في ثوب واحد متوشحا به خلف
وروى في صحيحه ، عن ابن حبان رضي الله تعالى عنها- عائشة- رضي الله تعالى عنه- صلى بالناس ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الصف خلفه» أبا بكر- . «أن