الباب الثالث في جمعه- صلى الله عليه وسلم- بين الصلاتين
وفيه أنواع
الأول : في إباحة الجمع وكونه رخصة .
روى عن ابن ماجه رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر من غير أن يعجله شيء ولا يطلبه عدو ولا يخاف شيئا»
الثاني : في جمعه- صلى الله عليه وسلم- في السفر .
روى الإمام والشيخان أحمد عن وأبو داود رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر» ، وفي رواية : «إذا عجل به السير أخر الظهر» ، وفي رواية : أنس- . «إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما وإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق»
وروى الإمام عنه قال : أحمد . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء»
وروى الإمامان : الشافعي ، والشيخان وأحمد ، وابن ماجه ، عن والدارقطني ، رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال ، وإذا سافر قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر ، وإذا حانت المغرب وهو في منزله جمع بينها وبين العشاء ، وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما»
وروى الإمام أحمد ، وابن أبي عمر برجال ثقات عن رضي الله تعالى عنها- عائشة- . [ ص: 235 ] «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يؤخر الظهر ، ويعجل العصر ، ويؤخر المغرب ، ويعجل العشاء في السفر»
وروى عن الدارقطني رضي الله تعالى عنه- علي- «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا ارتحل حين تزول الشمس جمع بين الظهر والعصر ، وإذا مد له السير أخر الظهر وعجل العصر ثم جمع بينهما .
وروى من طريق الطبراني حفص بن عمر الجدي- قال عنه الذهبي : منكر الحديث- عن رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- بخيبر ستة أشهر يصلي الظهر والعصر جميعا» . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أقام
وروى عن مسلم رضي الله تعالى عنه- قال : معاذ- تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء» . جمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، بسند حسن- عنه أيضا ، قال : والترمذي- تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر وإذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر وفي المغرب مثل ذلك ، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء ، وإن رحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة
الثالث : في بجمع والمزدلفة . جمعه- صلى الله عليه وسلم-
روى الأئمة إلا عن الدارقطني ، رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر- بمزدلفة جميعا كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة» . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء
وروى الإمام والشيخان ، أحمد ، وأبو داود ، عن والنسائي ، رضي الله تعالى عنه- قال : ابن مسعود- بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها» . «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء
وروى مرسلا عن أبو داود رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- بعرفة ولم يسبح بينهما ، وإقامتين وصلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد [ ص: 236 ] وإقامتين ، ولم يسبح بينهما» . «صلى الظهر والعصر بأذان واحدة
وروى الإمام عن أحمد ، ابن عمرو رضي الله تعالى عنهم- وجابر- . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جمع بين الصلاتين : الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء»
الرابع : في جمعه- صلى الله عليه وسلم- في الإقامة .
روى الجماعة إلا عن ابن ماجه ، رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- بالمدينة ثمانيا وسبعا جميعا الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر» ، وفي رواية «من غير خوف ولا مطر» . قال «صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عمرو : يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء ، قال : «وأنا أظن» ، وعند لفظ التأخير والتعجيل من قول النسائي وزاد ابن عباس ، عن مسلم أراد أن لا يحرج أمته» . ابن عباس ،
وروى عن طريق الطبراني عبد الله بن عبد القدوس . عن رضي الله تعالى عنه- قال : ابن مسعود- . جمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين الأولى والعصر وبين المغرب والعشاء ، فقيل له في ذلك ، فقال : «صنعت هذا لكيلا أحرج أمتي»
وروى عن طريق البزار عثمان بن خالد الأموي عن رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة- المدينة من غير خوف» . «جمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين الصلاتين في
قال النووي في شرح للعلماء في هذا الحديث أقوال ، منهم من تأوله على أنه جمع بعذر المطر ، وهذا مشهور عن جماعة من كبار المتقدمين وهو ضعف بالرواية الأخرى من غير خوف ولا مطر ، يريد التي رواها ، فقد روى الإمام مسلم : عن مالك رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم ، فصلى الظهر ، ثم انكشف الغيم ، وبان أن وقت العصر قد دخل ، فصلاها . وهذا أيضا باطل ، لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر ، لا احتمال فيه في المغرب والعشاء . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا من غير خوف ولا مطر
ومنهم من [تأوله على تأخير الأولى أخر وقتها فصلاها فيه ، فلما فرغ منها دخلت الثانية [ ص: 237 ] فصلاها ، فصارت صلاته صورة جمع ، وهذا أيضا ضعيف وباطل- وساق أدلته على ذلك ثم قال : ومنهم من قال : هو محمول على الجمع بعذر للمرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار . وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا ، واختاره الخطابي والمتولي من أصحابنا ، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث ، ولفعل والروياني وموافقة ابن عباس ، ولأن المشقة فيه أشد من المطر . أبي هريرة ،
وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر لمن لا يتخذه عادة ، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب وحكاه مالك ، عن الخطابي القفال والشاشي الكبير من أصحاب ثم قال : ويؤيده ظاهر قول الشافعي- أراد ألا يحرج أمته . فلم يعلله بمرض ولا غيره] . ابن عباس :
الخامس : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- الفرض على الدابة لعذر .
روى الطبراني ، من حديث وأبو داود ، يعلى بن مرة- وإسناد برجال ثقات- عن الطبراني رضي الله تعالى عنه- قال : يعلى بن أمية- فأذن وأقام وتقدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فصلى على راحلته والقوم على رواحلهم ، يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع» بلالا . «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر فأصابنا السماء فكانت البلة من تحتنا والسماء من فوقنا وكان في مضيق فحضرت الصلاة ، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وروى عن البزار عمرو بن يعلى- رضي الله تعالى عنه- قال : . [ ص: 238 ] حضرت الصلاة صلاة المكتوبة ونحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتقدمنا ثم أمنا فصلينا على ركائبنا»