الأول : قال ابن المنير والزركشي وغيرهما في قوله صلى الله عليه وسلم في يوسف : أعطي شطر الحسن : يتبادر إلى أفهام بعض الناس أن الناس يشتركون في الشطر الآخر . وليس كذلك ، بل المراد أنه أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم ، فإنه بلغ النهاية ويوسف بلغ شطرها .
ويحققه ما رواه الترمذي عن قتادة والدارقطني عن أنس رضي الله تعالى عنهما قال : ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت ، وكان نبيكم أحسنهم وجها وصوتا » . [ ص: 8 ]
وقال نفطويه رحمه الله تعالى في قوله تعالى : يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار [النور 35] هذا مثل ضربه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يقول : يكاد نظره يدل على نبوته وإن لم يتل قرآنا . كما قال ابن رواحة رضي الله تعالى عنه :
لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بداهته تنبيك بالخبر
وقال القرطبي رحمه الله تعالى : قال بعضهم ، لم يظهر لنا تمام حسنه صلى الله عليه وسلم لأنه لو ظهر لنا تمام حسنه لما طاقت أعيننا رؤيته صلى الله عليه وسلم . ويرحم الله تعالى الشرف البوصيري حيث قال :فهو الذي تم معناه وصورته     ثم اصطفاه حبيبا باري النسم 
منزه عن شريك في محاسنه     فجوهر الحسن فيه غير منقسم 
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى     للقرب والبعد فيه غير منفحم 
كالشمس تظهر للعينين من بعد     صغيرة وتكل الطرف من أمم 
إنما مثلوا صفاتك للناس     كما مثل النجوم المساء 
وعلى تفنن واصفيه بحسنه     يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف 
كم فيه للأبصار حسن مدهش     كم فيه للأرواح راح مسكر 
سبحان من أنشاه من سبحاته     بشرا بأسرار الغيوب يبشر 
 [ ص: 9 ] قاسوه جهلا بالغزال تغزلا     هيهات يشبهه الغزال الأحور 
هذا وحقك ما له من مشبه     وأرى المشبه بالغزالة يكفر 
يأتي عظيم الذنب في تشبيهه     لولا لرب جماله يستغفر 
فخر الملاح بحسنهم وجمالهم     وبحسنه كل المحاسن تفخر 
فجماله مجلى لكل جميلة     وله منار كل وجه نير 
جنات عدن في جنى وجناته     ودليله أن المراشف كوثر 
هيهات ألهو عن هواه بغيره     والغير في حشر الأجانب يحشر 
كتب الغرام علي في أسفاره     كتبا تؤول بالهوى وتفسر 
فدع الدعي وما ادعاه من الهوى     فدعيه بالهجر فيه يهجر 
وعليك بالعلم العليم فإنه     لخطيبه في كل خطب منبر 
				
						
						
