الثالثة عشرة : وبأنه
nindex.php?page=treesubj&link=4138_23666ضحى عن أمته ، وليس لأحد بأن يضحي عن أحد بغير إذنه .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة- رضي الله تعالى عنها-
nindex.php?page=hadith&LINKID=907229أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذبح كبشا أقرن بالمصلى ثم قال : "اللهم ، هذا عني وعن من لم يضح من أمتي" .
الرابعة عشرة : وبأن له أن يقضي بعلم نفسه ، ولو في الحدود وفي غيره خلاف .
روى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة- رضي الله تعالى عنها-
nindex.php?page=hadith&LINKID=652280أن هند بنت عتبة قالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل علي من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا ؟ فقال : "لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف" .
وجه الدلالة منه : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يطالبها بالبينة على الزوجية ، لأنه علم أنها زوجته ، فحكم بأخذ النفقة من ماله بالمعروف .
وهذا هو القضاء بالعلم ، ذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهم .
الخامسة عشرة : وبأن
nindex.php?page=treesubj&link=11467يحكم بغير دعوى ، ولا يجوز ذلك لغيره .
قاله ابن دحية ، واستدل بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله تعالى عنه-
nindex.php?page=hadith&LINKID=661983أن رجلا كان يتهم بأم إبراهيم ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : "اذهب فاضرب عنقه" ، فأتاه nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فإذا هو في ركن يتبرد فيها ، فقال له ، nindex.php?page=showalam&ids=8علي : اخرج ، فناوله يده فأخرجه ، فإذا هو مجبوب ، ليس له ذكر فكف علي عنه ، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله! إنه لمجبوب ما له ذكر .
وقد ورد تسمية هذا مأثورا ، والذي كان يتهم بها
مارية فقال الناس : علج يدخل على علجة ، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا بقتله .
[ ص: 432 ]
قال
الحضيري : والاستدلال به على ما ادعاه غير
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فإن الحديث قد استشكله جماعة من العلماء ، حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : يجوز أن يكون المذكور من أهل العهد ، وفي عهده أن لا يدخل على
مارية ، فقال : ودخل عليها ، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله لنقض عهده .
وقال
النووي تبعا للقاضي : قيل لعله كان منافقا ومستحقا للقتل بطريق آخر ، وجعل هذا محركا لقتله بنفاقه وغيره لا بالزنا ، وكف عنه علي اعتمادا على أن القتل بالزنا وقد علم انتفاء الزنا ، وفيه نظر أيضا ، لأنا نعتبر نفي ظن الزنا من
مارية ، فإنه لو أمر بقتله بذلك ، لأمر بإقامة الحد عليها أيضا ، ولم يقع ذلك معاذ الله أن يختلج ذلك في خاطره أو يتفوه به .
وأحسن ما يقال في الجواب عن هذا الحديث ، ما أشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال" ، فإنه قال : من ظن أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتله حقيقة بغير بينة ولا إقرار فقد جهل ، وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أنه بريء مما نسب إليه ورمي به ، وأن الذي ينسب إليه كذب ، فأراد -صلى الله عليه وسلم- إظهار الناس على براءته يوقفهم على ذلك مشاهدة ، فبعث عليا ومن معه فشاهدوه مجبوبا- أي مقطوع الذكر- فلم يمكنه قتله لبراءته مما نسب إليه ، وجعل هذا نظير قصة
سليمان في حكمه بين المرأتين المختلفتين في الولد ، فطلب السكين ليشقه نصفين إلهاما ، ولظهور الحق ، وهذا حسن . انتهى كلام الحضيري .
السادسة عشرة : وبأن له أن يحكم لنفسه .
السابعة عشرة : ولفرعه .
الثامنة عشرة : ويشهد لنفسه .
التاسعة عشرة : ولفرعه .
العشرون : وبقبول شهادة من شهد له [كشهادة
خزيمة] .
الحادية والعشرون : وبالهدية بخلاف غيره من الحكام ، لأنه والأنبياء -صلى الله عليه وسلم- أجمعين معصومون ، لا يجوز عليهم أن يحكموا بالهوى ، وإنما منع الحاكم من الحكم لنفسه ولولده ، لأنه يجوز عليه الهوى ، فمنع من ذلك ، والمعصوم- عليه السلام- لا يجوز عليه ذلك فجاز له ، ولأن الهدية إنما حرمت على الحكام خوفا عليهم من الزيغ في الشريعة .
الثانية والعشرون : وبعدم كراهة الحكم والفتوى حال الغضب ، لأنه لا يخاف عليه من الغضب ما يخاف علينا .
ذكره
النووي في شرح مسلم عند حديث اللقطة ، فإنه -صلى الله عليه وسلم- أفتى فيه ، وقد غضب حتى احمرت وجنتاه .
[ ص: 433 ]
الثالثة والعشرون : وبأن
nindex.php?page=treesubj&link=19105له أن يقتل من سبه أو هجاه ، قاله ابن سبع ، وذلك راجع إلى القضاء لنفسه .
الرابعة والعشرون : وبأن
nindex.php?page=treesubj&link=6713له أن يحمي الموات لنفسه ، مع أنه لم يقع ذلك منه ، وليس لغيره من بعده أن يحموا لأنفسهم .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
الصعب بن جثامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652197 "لا حمى إلا لله ولرسوله" .
الخامسة والعشرون : وبأنه لا ينقض ما حماه -صلى الله عليه وسلم- ومن أخذ شيئا مما حماه ضمن قيمته في الأصح بخلاف ما حماه غيره من الأئمة لو رعاه ذو قوة فلا غرم عليه .
السادسة والعشرون : وبأن له أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج إليهما ، وعليه البذل ويفدي بمهجته مهجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الله- سبحانه وتعالى- :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [الأحزاب - 6] .
السابعة والعشرون : وبأن لو قصده ظالم لوجب على من حضره أن يبذل نفسه دونه نقله في زوائد الروضة عن
الفوراني وغيره .
قال
الجلال البلقيني : وهذا المتعقب ، فإن قاصد نفسه كافر والكافر يجب دفعه عن كل مسلم ، فلا خصوصية حينئذ قال
الحضري : وهذا صحيح بالنسبة إلى قاصده فقط ، لكن يدعى الخصوصية في ذلك من جهتين أخريين .
إحداهما : أنه يجب بذل النفس في الدفع عنه -صلى الله عليه وسلم- مع الخوف على النفس ، بخلاف غيره من الأمة ، فإنه لا يجب الدفع مع الخوف كما قرره
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي والنووي في كتاب الصيد .
والجهة الثانية : من الخصوصية : أن قاصد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلما لا يكفر ، ولو وجب الدفع ، وقاصده -صلى الله عليه وسلم- يكفر بذلك .
الثامنة والعشرون : وبأن له القتل بعد الأمان قاله
ابن القاص فيما نقله
الإمام الرافعي وغيرهما عنه وخطأه وقال
ابن الرفعة فيما نقله
الزركشي عنه هذا النقل فيه خلل ، والذي في التلخيص كان يجوز له القتل في الحرم بعد إعطائه الأمان .
قال وهذا لا يطابق ما حكي عنه ، لأن ذلك ينصرف بإطلاقه إلى جواز قتل من أمنه وهذا بظاهره يعطي أنه إذا قال : من دخل الحرم فهو آمن ، فدخل شخص الحرم وكان ثم سبب يقتضي قتله ، أبيح له قتله .
وكذا قال
ابن الملقن : إنه رآه كذلك في التلخيص فظهر بهذا أن ابن القاص قصد قصة
عبد الله بن خطل . [ ص: 434 ]
وروى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=hadith&LINKID=653949دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال : يا رسول الله ، ابن خطل معلق بأستار الكعبة فقال : اقتلوه . فابن القاص-رحمه الله تعالى- معذور ، فإنه لما رأى حديث الأمان في دخول المسجد وحده ، رأى في هذا الحديث الأمر بقتل
ابن خطل بسط هذه الخصوصية ، وهذا نهاية أمر الفقيه جمعا بين الأحاديث ، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أمن الناس استثنى
ابن أخطل وغيره ، كما سبق في غزوة الفتح .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : وَبِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=4138_23666ضَحَّى عَنْ أُمَّتِهِ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بِأَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا-
nindex.php?page=hadith&LINKID=907229أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَبَحَ كَبْشًا أَقْرَنَ بِالْمُصَلَّى ثُمَّ قَالَ : "اللَّهُمَّ ، هَذَا عَنِّي وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي" .
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : وَبِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ ، وَلَوْ فِي الْحُدُودِ وَفِي غَيْرِهِ خِلَافٍ .
رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا-
nindex.php?page=hadith&LINKID=652280أَنَّ هِنْدَ بَنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ ، فَهَلْ عَلَيَّ مَنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عَيَالنَا ؟ فَقَالَ : "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ" .
وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُطَالِبْهَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتَهُ ، فَحَكَمَ بِأَخْذِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ .
وَهَذَا هُوَ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : وَبِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11467يَحْكُمَ بِغَيْرِ دَعْوَى ، وَلَا يَجُوزَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ .
قَالَهُ ابْنُ دَحْيَةَ ، وَاسْتُدِلَّ بِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-
nindex.php?page=hadith&LINKID=661983أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- nindex.php?page=showalam&ids=8لَعَلِيٍّ : "اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ" ، فَأَتَاهُ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ ، فَإِذَا هُوَ فِي رُكْنٍ يَتَبَرَّدُ فِيهَا ، فَقَالَ لَهُ ، nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : اخْرُجْ ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ ، لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ .
وَقَدْ وَرَدَ تَسْمِيَةُ هَذَا مَأْثُورًا ، وَالَّذِي كَانَ يُتَّهَمُ بِهَا
مَارِيَةُ فَقَالَ النَّاسُ : عِلْجٌ يَدْخُلُ عَلَى عِلْجَةٍ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا بِقَتْلِهِ .
[ ص: 432 ]
قَالَ
الْحُضَيْرِيُّ : وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْحَدِيثَ قَدِ اسْتَشْكَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ ، وَفِي عَهْدِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى
مَارِيَةَ ، فَقَالَ : وَدَخَلَ عَلَيْهَا ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِهِ لِنَقْضِ عَهْدِهِ .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي : قِيلَ لَعَلَّهُ كَانَ مُنَافِقًا وَمُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ بِطَرِيقٍ آخَرَ ، وَجُعِلَ هَذَا مُحَرِّكًا لِقَتْلِهِ بِنِفَاقِهِ وَغَيْرِهِ لَا بِالزِّنَا ، وَكَفَّ عَنْهُ عَلِيٌّ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالزِّنَا وَقَدْ عُلِمَ انْتِفَاءُ الزِّنَا ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا ، لِأَنَّا نَعْتَبِرُ نَفْيَ ظَنِّ الزِّنَا مِنْ
مَارِيَةَ ، فَإِنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ بِذَلِكَ ، لَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا أَيْضًا ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَخْتَلِجَ ذَلِكَ فِي خَاطِرِهِ أَوْ يَتَفَوَّهَ بِهِ .
وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي "الْإِيصَالِ إِلَى فَهْمِ كِتَابِ الْخِصَالِ" ، فَإِنَّهُ قَالَ : مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِقَتْلِهِ حَقِيقَةً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إِقْرَارٍ فَقَدْ جَهِلَ ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْلَمُ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَرُمِيَ بِهِ ، وَأَنَّ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ كَذِبٌ ، فَأَرَادَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِظْهَارَ النَّاسِ عَلَى بَرَاءَتِهِ يُوقِفُهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُشَاهَدَةً ، فَبَعَثَ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ فَشَاهَدُوهُ مَجْبُوبًا- أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ- فَلَمْ يُمْكِنْهُ قَتْلُهُ لِبَرَاءَتِهِ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ ، وَجُعِلَ هَذَا نَظِيرَ قِصَّةِ
سُلَيْمَانَ فِي حُكْمِهِ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ فِي الْوَلَدِ ، فَطَلَبَ السِّكِّينَ لِيَشُقَّهُ نِصْفَيْنِ إِلْهَامًا ، وَلِظُهُورِ الْحَقِّ ، وَهَذَا حَسَنٌ . انْتَهَى كَلَامُ الْحُضَيْرِيِّ .
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : وَبِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ .
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : وَلِفَرْعِهِ .
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : وَيَشْهَدَ لِنَفْسِهِ .
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : وَلِفَرْعِهِ .
الْعِشْرُونَ : وَبِقَبُولِ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ [كَشَهَادَةِ
خُزَيْمَةَ] .
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِالْهَدِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ ، لِأَنَّهُ وَالْأَنْبِيَاءُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْمَعِينَ مَعْصُومُونَ ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْهَوَى ، وَإِنَّمَا مُنِعَ الْحَاكِمُ مِنَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْهَوَى ، فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْمَعْصُومُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَجَازَ لَهُ ، وَلِأَنَّ الْهَدِيَّةَ إِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَى الْحُكَّامِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّيْغِ فِي الشَّرِيعَةِ .
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِعَدَمِ كَرَاهَةِ الْحُكْمِ وَالْفَتْوَى حَالَ الْغَضَبِ ، لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنَ الْغَضَبِ مَا يُخَافُ عَلَيْنَا .
ذَكَرَهُ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عِنْدَ حَدِيثِ اللُّقَطَةِ ، فَإِنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْتَى فِيهِ ، وَقَدْ غَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ .
[ ص: 433 ]
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19105لَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ سَبَّهُ أَوْ هَجَاهُ ، قَالَهُ ابْنُ سَبْعٍ ، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ .
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6713لَهُ أَنْ يَحْمِيَ الْمَوَاتَ لِنَفْسِهِ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْمُوا لِأَنْفُسِهِمْ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
الصَّعْبِ بْنِ جُثَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652197 "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ" .
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنَّهُ لَا يَنْقَضُّ مَا حَمَاهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِمَّا حَمَاهُ ضِمْنَ قِيمَتَهُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا حَمَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَوْ رَعَاهُ ذُو قُوَّةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ .
السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ مَالِكِهِمَا الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِمَا إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِمَا ، وَعَلَيْهِ الْبَذْلُ وَيَفْدِي بِمُهْجَتِهِ مُهْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اللَّهُ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الْأَحْزَابُ - 6] .
السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنْ لَوْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ لَوَجَبَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ دُونَهُ نَقَلَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَنِ
الْفَوْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ .
قَالَ
الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ : وَهَذَا الْمُتَعَقَّبُ ، فَإِنَّ قَاصِدَ نَفْسِهِ كَافِرٌ وَالْكَافِرٌ يَجِبُ دَفْعُهُ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ ، فَلَا خُصُوصِيَّةَ حِينَئِذٍ قَالَ
الْحَضَرِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قَاصِدِهِ فَقَطْ ، لَكِنْ يُدَّعَى الْخُصُوصِيَّةُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ .
إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُ النَّفْسِ فِي الدَّفْعِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ مَعَ الْخَوْفِ كَمَا قَرَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ .
وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ : مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ : أَنَّ قَاصِدَ غَيْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْلِمًا لَا يَكْفُرُ ، وَلَوْ وَجَبَ الدَّفْعُ ، وَقَاصِدُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَكْفُرُ بِذَلِكَ .
الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَبِأَنَّ لَهُ الْقَتْلَ بَعْدَ الْأَمَانِ قَالَهُ
ابْنُ الْقَاصِّ فِيمَا نَقَلَهُ
الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهمَا عَنْهُ وَخَطَّأَهُ وَقَالَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا نَقَلَهُ
الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ هَذَا النَّقْلُ فِيهِ خَلَلٌ ، وَالَّذِي فِي التَّلْخِيصِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ إِعْطَائِهِ الْأَمَانَ .
قَالَ وَهَذَا لَا يُطَابِقُ مَا حُكِيَ عَنْهُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ بِإِطْلَاقِهِ إِلَى جَوَازِ قَتْلٍ مَنْ أَمَّنَهُ وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يُعْطِي أَنَّهُ إِذَا قَالَ : مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ فَهُوَ آمِنٌ ، فَدَخَلَ شَخْصٌ الْحَرَمَ وَكَانَ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِي قَتْلُهُ ، أُبِيحَ لَهُ قَتْلُهُ .
وَكَذَا قَالَ
ابْنُ الْمُلَقِّنِ : إِنَّهُ رَآهُ كَذَلِكَ فِي التَّلْخِيصِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ ابْنَ الْقَاصِّ قَصَدَ قِصَّةَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ . [ ص: 434 ]
وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
nindex.php?page=hadith&LINKID=653949دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ خَطَلٍ مُعَلَّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ : اقْتُلُوهُ . فَابْنُ الْقَاصِّ-رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مَعْذُورٌ ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى حَدِيثَ الْأَمَانِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ ، رَأَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرَ بِقَتْلِ
ابْنِ خَطَلٍ بَسَطَ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّةَ ، وَهَذَا نِهَايَةُ أَمْرِ الْفَقِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ ، لَكِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَمَّنَ النَّاسَ اسْتَثْنَى
ابْنَ أَخْطَلٍ وَغَيْرَهُ ، كَمَا سَبَقَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ .