الباب الخامس في بعض إبراهيم ابن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم مناقب سيدنا
وفيه أنواع :
الأول : في أمه ، وميلاده ، وعقيقته ، وتسميته ، وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمه : مارية القبطية بنت شمعون ، ذكرت في مناقب أمهات المؤمنين في أبواب نكاحه صلى الله عليه وسلم ، ولد في ذي الحجة سنة ثمان بالعالية ، قاله مصعب بن الزبير .
وروى ابن سعد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معجبا بمارية القبطية ، وكانت بيضاء جميلة ، فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على وعرض عليها الإسلام ، فأسلمت فوطأ أم سليم بنت ملحان ، مارية بالملك ، وحولها إلى مال له بالعالية ، كان من أموال بني النضير ، فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل ، فكان يأتيها هناك ، وكانت حسنة الدين ، وولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما فسماه إبراهيم ، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة يوم سابعه ، وحلق رأسه ، فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين ، وأمر بشعره فدفن في الأرض ، وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت إلى زوجها أبي رافع ، فأخبرته بأن مارية ولدت غلاما ، فجاء أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا ، وغار نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واشتد عليهن حين رزق منها الولد .
سلمى مولاة صفية ولا شك أن مولاة عمة الشخص مولاته .
وروى ابن سعد عن -رضي الله تعالى عنه- قال : أنس إبراهيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا أبا إبراهيم . ورواه لما ولد بلفظ : ابن منده إبراهيم ابن مارية جاريته كاد يقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل ، فقال : السلام عليك ، يا أبا إبراهيم! لما ولد
وروى الإمام أحمد ومسلم وابن سعد عنه ، قال : إبراهيم . خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح ، فقال : إنه ولد لي في الليلة ولد وإني سميته باسم أبي
وذكر الزبير عن أشياخه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عنه بكبشين ، وحلق رأسه أبو هند ، وسماه يومئذ هكذا ، قال الزبير : سماه يوم سابعه .
الثاني : في رضاعه ومن أرضعه .
روى ابن سعد عن والزبير بن بكار عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال : ولد [ ص: 22 ] سيدنا إبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتنافست فيه نساء الأنصار أيتهن ترضعه وأحببن أن يفرغوا مارية لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما يعلمن من ميله إليها ، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، وزوجها البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن النجار ، فكانت ترضعه ، وكان يكون عند أبويه في بني النجار ، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بردة فيقيل عندها ويؤتى بإبراهيم -عليه السلام- وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بردة قطعة نخل .
وروى الشيخان عن -رضي الله تعالى عنه- أنس إبراهيم -عليه السلام- إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة ، يقال له : أبو سيف ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته حتى انتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره ، وقد امتلأ البيت دخانا ، فأسرعت في المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهيت إلى أبي سيف فقلت : يا أبا سيف ، أمسك ، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه ، وقال : ما شاء الله أن يقول . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع سيدنا
وروى أيضا عنه قال : إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة ، فكان يأتيه (ونجيء معه) فيدخل البيت وإنه ليدخن ، قال : وكان ظئره قينا فيأخذه فيقبله . ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان
الثالث : في وفاته وتاريخه ، وصلاته عليه ، وحزنه عليه
مات سنة عشر ، جزم به وقال : يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول . الواقدي ،
وقالت عاش ثمانية عشر شهرا . رواه الإمام عائشة : وفي صحيح أحمد . أنه عاش سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا على الشك . البخاري
وقال محمد بن المؤمل : بلغ سبعة عشر شهرا وثمانية أيام .
وروى ابن سعد عن مكحول ، وابن سعد عن عطاء ، وابن سعد عن عبد الرحمن بن عوف ، وابن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، وابن سعد عن قتادة ، وابن سعد عن -رضي الله تعالى عنهم- أنس فانطلقا به إلى النخل الذي فيه عبد الرحمن بن عوف ، إبراهيم -عليه السلام- فدخل وإبراهيم يجود بنفسه فوضعه في حجره ، فلما (مات) زرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له تبكي يا رسول الله ؟ أولم تنه عن البكاء ؟ قال : "إنما نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين؛ صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجه ، وشق جيب ، ورنة شيطان" . عبد الرحمن بن عوف : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيد
[ ص: 23 ] وفي رواية : إبراهيم لولا أنه أمر حق ، ووعد صادق ، ويوم جامع . . . " . "إنما نهيت عن النياحة ، وأن يندب الميت بما ليس فيه" ، ثم قال : "وإنما هذه رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا
وفي لفظ : "لولا أنه أجل معدود ، ووقت معلوم ، ووعد صادق ، وأنها سبيل مأتية ، وإن أخرانا ستلحق أولانا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا ، وإن بك يا إبراهيم لمحزونون تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب" .
وفي رواية : إبراهيم ، إنا بك لمحزونون" . فلقد رأيته يكيد بنفسه ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، والله يا
وروى مسلم وأبو داود وابن سعد والإمام أحمد عن وعبد بن حميد -رضي الله تعالى عنه- أنس عن والطبراني -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي أمامة إبراهيم لمحزنون" . "تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الله تعالى ، والله إنا بفراقك يا
وروى ابن ماجه في "الكبير" والطبراني عن وابن عساكر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أسماء بنت يزيد إبراهيم وجدا أشد من هذا ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون" . "تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، ولولا أنه وعد صادق ، وموعود جامع ، وأن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا
وروى ابن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى على ابنه إبراهيم فصرخ فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : رأيتك تبكي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "البكاء من الرحمة ، والصراخ من الشيطان" . أسامة بن زيد ،
وروى ابن سعد عن -رضي الله تعالى عنهما- قال : جابر بن عبد الله إبراهيم فوضعه في حجره ، وهو يجود بنفسه ، فذرفت عيناه ، فقلت له : أتبكي يا رسول الله ، أولم تنه عن البكاء ؟ قال : "إنما نهيت عن النوح ، عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان" . أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلق بي إلى النخل الذي فيه
قال : قال عبد الله بن نمير في حديثه : إبراهيم ، لولا أنه أمر حق ، ووعد صادق ، وأنها سبيل مأتية ، وإن أخرانا ستلحق أولانا لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون ، تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب عز وجل" . "إنما هذا رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا
وروى ابن ماجه والحكيم عن والترمذي -رضي الله تعالى عنه- أنس إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تدرجوه في أكفانه ، حتى أنظر إليه" فأتاه فانكب عليه وبكى . لما قبض
[ ص: 24 ] واختلف : هل صلى عليه أم لا ؟
وروى الإمام أحمد وابن سعد من طريق جابر الجعفي وهو ضعيف عن البراء ، عن والبيهقي جعفر بن محمد عن أبيه ، بسند ضعيف عن وابن ماجه ابن عباس ، وابن سعد عن وأبو يعلى أنس ، وأبو داود مرسلا عن والبيهقي عطاء بن أبي رياح ، إبراهيم ، زاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه سيدنا "في المقاعد" وهو موضع الجنائز ، زاد البيهقي : وكبر عليه أربعا ، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا . أنس :
وروى ابن سعد عن عطاء ، وابن سعد عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على شفير قبر ابنه فرأى فرجة في اللحد ، فناول الحفار مدرة وقال : "إنها لا تضر ولا تنفع ، ولكنها تقر عين الحي" ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي بإصبعه ، ويقول : "إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه؛ فإنه مما يسلي بنفس المصاب" .
قال ولما دفن قبل الزبير بن بكار : قبره ، وأعلى بصلاته ، وهو أول قبر رش . علي
وروى ابن سعد عن رجل من آل علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دفن سيدنا إبراهيم ، قال : هل من أحد يأتي بقربة ، فأتى رجل من الأنصار بقربة ماء ، فقال : رشها على قبر إبراهيم ، وقال : وقبر إبراهيم قريب من الطريق ، وأشار إلى قريب من دار عقيل .
الرابع : في انكساف الشمس يوم وفاته
روى ابن سعد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، عن أمه سيرين قالت : حضرت موت إبراهيم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صحت أنا وأختي ما ينهانا ، فلما مات نهانا عن الصياح .
وغسله ورسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس ، جالسان ، ثم حمل فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر والعباس جالس إلى جنبه ونزل في حفرته والعباس الفضل بن عباس وأنا أبكي عند قبره ، ما ينهاني أحد ، وخسفت الشمس في ذلك اليوم ، فقال الناس : لموت وأسامة بن زيد ، إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنها لا تخسف لموت أحد ولا لحياته" ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجة من اللبن ، فأمر بها أن تسد ، فقيل : "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنها لا تضر ولا تنفع ، ولكن تقر عين ، وإن الحي العبد إذا عمل عملا أحب الله أن يتقنه" .
ومات يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر .
وروى الشيخان عن -رضي الله تعالى عنه- قال : المغيرة بن شعبة إبراهيم فقال الناس : لموت إبراهيم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد" . انكسفت الشمس يوم موت
[ ص: 25 ] الخامس : في أن له ظئرا تتم رضاعه في الجنة .
روى بسند ضعيف عن ابن ماجه -رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إن له مرضعا في الجنة ، ولو عاش لكان صديقا نبيا ، ولو عاش لعتقت أخواله القبط ، وما استرق قبطي . انتهى . لما مات
السادس : في الرد على من زعم أنه لقنه
وهذا شيء لم يوجد في كتب الحديث ، وإنما ذكره اشتهر على الألسنة أنه لقن ابنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم بعد الدفن ، المتولي في "تتمته والإبانة" بلفظ : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن إبراهيم قال : "قل : الله ربي ، ورسولي أبي ، والإسلام ديني" فقيل : يا رسول الله ، أنت تلقنه فمن يلقننا ؟ فأنزل الله تعالى يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة [إبراهيم : 27] الآية .
والأستاذ أبو بكر بن فورك في كتابه المسمى "النظامي" ولفظه : عن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن ولده إبراهيم وقف على قبره ، فقال : "يا بني! القلب يحزن ، والعين تدمع ، ولا نقول ما يسخط الرب ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، يا بني! قل : الله ربي ، والإسلام ديني ، ورسول الله أبي" فبكت الصحابة وبكى بكاء ارتفع له صوته ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عمر بن الخطاب يبكي وأصحابه فقال : "يا عمر ما يبكيك ؟ " فقال : يا رسول الله ، هذا ولدك وما بلغ الحلم ، ولا جرى عليه القلم ، ويحتاج إلى ملقن ، فمثلك تلقن التوحيد في مثل هذا الوقت ، فما حال عمر ، وقد بلغ الحلم ، وجرى عليه القلم ، وليس له ملقن مثلك ، أي شيء يكون صورته في تلك الحالة ؟ فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وبكت الصحابة معه ، فنزل عمر جبريل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب بكائهم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما قاله وما ورد عليهم من قوله صلى الله عليه وسلم ، فصعد عمر جبريل ونزل ، وقال : ربك يقرئك السلام وقال : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة [إبراهيم : 27] يريد بذلك وقت الموت ، وعند السؤال ، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الآية ، فطابت الأنفس ، وسكنت القلوب ، وشكروا الله ، وهذا كما ترى منكر جدا ، بل لا أصل له .
السابع : في أنه لو عاش لكان نبيا
روى البخاري عن وابن ماجه قال : قلت إسماعيل بن أبي خالد لابن أبي أوفى : هل رأيت السيد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مات صغيرا ، ولو قضي أن يكون نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم لعاش ابنه إبراهيم ، ولكن لا نبي بعده .
ورواه الإمام بلفظ : سمعت أحمد ابن أبي أوفى يقول : لو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه إبراهيم ، ولكن لا نبي بعده .
وروى ابن سعد بسند على شرط قال : أخبرنا مسلم عفان بن مسلم ويحيى بن حماد ، وموسى بن إسماعيل التبوذكي قالوا : أخبرنا أخبرنا أبو عوانة ، إسماعيل السدي قال : سألت أنس [ ص: 26 ] ابن مالك -رضي الله تعالى عنه- أصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ؟ قال : لا أدري -رحمة الله على السيد إبراهيم- لو عاش لكان صديقا نبيا .
وروى من طريقين عن ابن عساكر قلت السدي كم بلغ لأنس : إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قد كان غلاما بالمهد ، ولو بقي لكان نبيا ، ولكن لم يبق؛ لأن نبيكم آخر الأنبياء صلى الله عليه وسلم .
قال الباوردي في "المعرفة" : حدثنا محمد بن عثمان بن محمد ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا أبو عامر الأسدي ، ثنا سفيان ، عن عن السدي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس بن مالك إبراهيم لكان صديقا نبيا" . "لو عاش
وروى ابن ماجه عن والبيهقي -رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن له مرضعا في الجنة ، ولو عاش لكان صديقا نبيا" . لما مات
وروى عن ابن عساكر -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر بن عبد الله إبراهيم لكان صديقا نبيا" . "لو عاش
فائدة :
قال الشيخ تقي الدين السبكي -قدس الله روحه ونور ضريحه- في الكلام على حديث : وآدم بين الروح والجسد" . "كنت نبيا
فإن قلت : النبوة وصف ، لا بد أن يكون الموصوف به موجودا ، وإنما تكون بعد أربعين سنة أيضا ، فكيف يوصف قبل وجوده وقبل إرساله ؟
قلت : قد جاء أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد ، فقد تكون الإشارة بقوله : "كنت نبيا" إلى روحه الشريفة وإلى حقيقة ، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها ، وإنما يعلمها خالقها ، ومن أمده الله تعالى بنور إلهي .
ثم إن تلك الحقائق يؤتي الله تعالى كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء ، فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون من (قبل) خلق آدم صلى الله عليه وسلم أتاها الله ذلك الوصف ، بأن يكون خلقها متهيئة لذلك ، وأفاضه عليها من ذلك الوقت فصار نبيا . انتهى .
وقد سبق ذلك في أوائل الكتاب .
ومن هذا يعرف تحقيق نبوة السيد إبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال صغره ، وإن لم يبلغ سن الوحي .
الثامن : في الوصية بأخواله القبط .
روى ابن سعد عن مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الزهري إذا ملكتم القبط فأحسنوا إليهم؛ فإن لهم ذمة ، وإن لهم رحما .
[ ص: 27 ] وروى عن أبي بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "استوصوا بالقبط خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما" .
وروى عن الطبراني -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أم سلمة مصر فإنكم مستظهرون عليهم ، فيكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله" . "الله الله في قبط