الباب الثاني في بعض مناقب سيدنا حمزة رضي الله تعالى عنه  
وفيه أنواع : 
الأول : في وقت إسلامه .  
أسلم  حمزة   -رضي الله تعالى عنه- قديما في السنة الثانية من المبعث . 
وقال  ابن الجوزي :  كان بعد دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم  في السادسة . 
وروى  ابن عساكر  أنه يوم ضرب  أبو بكر ،  حين ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل إسلام  عمر  بثلاثة أيام . وتقدم سبب إسلامه ، وحسن بلائه في غزوة أحد ،  ومقتله ، وتقدم في السرايا أن أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت  لحمزة   -رضي الله تعالى عنه- عز بإسلامه الإسلام ، وكفت قريش  عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما كانوا ينالون منه؛ خوفا من  حمزة   -رضي الله تعالى عنه- وعلما منهم أنه سيمنعه ، وكان عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخاه من الرضاعة ، وأم كل منهما ابنة عم أم الآخر . 
الثاني : أنه أسد الله تعالى ، وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم  
روى  الطبراني  مرسلا برجال الصحيح عن عمير بن إسحاق   -رحمه الله تعالى- قال : 
كان  حمزة  يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين ، ويقول : أنا أسد الله وأسد رسوله . 
وروى  الطبراني  برجال الصحيح -غير يحيى  وأبيه فيحرر حالهم- عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ،  عن أبيه عن جده .  والبغوي  في معجمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "والذي نفسي بيده ، إنه مكتوب عند الله -عز وجل- في السماء السابعة :  حمزة بن عبد المطلب  أسد الله وأسد رسوله" . 
وروى  الحاكم  وابن هشام  عن محمد بن عمر  عن شيوخه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "أتاني جبريل  فأخبرني أن  حمزة  مكتوب في أهل السماوات" ، ولفظ ابن هشام :   "وحمزة  مكتوب في السماوات السبع أسد الله وأسد رسوله" . 
الثالث : أنه خير أعمامه صلى الله عليه وسلم  
روى  ابن عساكر  عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة ،   وأبو نعيم  عن عابس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  "خير أعمامي  حمزة" .  
وروى الديلمي  عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  "خير إخوتي  علي ،  وخير أعمامي  حمزة" .  
 [ ص: 91 ] الرابع : في أنه سيد الشهداء  رضي الله تعالى عنه 
روى  الطبراني  في "الأوسط" عن  ابن عباس ،   والطبراني  في "الكبير" عن  علي ،   والخلعي  عن  ابن مسعود ،  والديلمي   والحاكم   والخطيب   والضياء  عن  جابر   -رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "سيد" ولفظ الديلمي   "خير الشهداء" ولفظ  جابر   "عند الله" وفي لفظ "يوم القيامة  حمزة" .  
زاد  ابن عباس   وابن مسعود   وجابر   "ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" . 
الخامس : في شهادته -صلى الله عليه وسلم- له بالجنة ،  رضي الله تعالى عنه 
روى  ابن عمر  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "دخلت البارحة الجنة فإذا  حمزة  مع أصحابه" رضي الله تعالى عنهم . 
السادس : في آية نزلت فيه .  
روى  السدي  في قوله تعالى : أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه   [القصص : 61] أنها نزلت في  حمزة .  
وروى السلفي  عن بريدة   -رضي الله تعالى عنه- في قوله تعالى : يا أيتها النفس المطمئنة   [الفجر : 27] قال  حمزة :  في . 
السابع : في شدة حزنه -صلى الله عليه وسلم- حين قتل  
روى  أبو الفرج بن الجوزي  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على  حمزة  حين استشهد ، فنظر إلى شيء ، لم ينظر إلى شيء كان أوجع لقلبه منه ، وقد تقدم في غزوة أحد  ما يغني عن الإعادة . 
الثامن : في تغسيل الملائكة له  رضي الله تعالى عنه 
روى  الطبراني  بسند حسن ، عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال : أصيب  حمزة بن عبد المطلب  وحمزة بن الراهب  وهما جنب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رأيت الملائكة تغسلهما" . 
وروى  الحاكم  وقال : صحيح الإسناد عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن  حمزة  قتل جنبا فغسلته الملائكة . 
التاسع : في كفنه رضي الله تعالى عنه  
روى  أبو يعلى  واللفظ له برجال الصحيح عن  أنس   -رضي الله تعالى عنه- قال : لما كان يوم أحد  مر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بحمزة  وقد جدع أنفه ، ومثل به فقال : "لولا أن تجد صفية  في  [ ص: 92 ] نفسها لتركته ، حتى يحشره الله من بطون السباع والطير" فكفن في نمرة ، إذا خمر رأسه بدت رجلاه ، وإذا خمر رجلاه بدت رأسه . 
وروى  الطبراني  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال : لما قتل  حمزة بن عبد المطلب   -رضي الله تعالى عنه- كان عليه نمرة ، وكان هو الذي أدخله في قبره ، وكان إذا غطى بها رأسه خرجت قدماه ، وإذا غطى قدميه خرج رأسه ، فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يغطي رأسه ، وأن يأخذ شجرا من هذا العلجان فيجعله على رجله . 
العاشر : في سنه يوم قتل ، ووصيته إلى  زيد بن حارثة  رضي الله تعالى عنهما  
كان سنه يوم قتل تسعا وخمسين سنة ، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش  في قبر واحد . 
الحادي عشر : في ولده رضي الله تعالى عنه  
له من الولد ذكران وأنثى ، عمارة  وأمه خولة بنت قيس بن مالك بن النجار الأنصارية الخزرجية ،  ويعلى ،  وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل واحد منهما أعوام ، ولم تحفظ لواحد منهما رواية ، واسم الأنثى أمامة  كما ذكره  ابن الجوزي ،  وقال ابن قتيبة :  يقال لها : أم أبيها ،  أمها زينب بنت عميس الخثعمية ،  وهي التي اختصم في حضانتها  علي  وجعفر  وزيد ،  فقال  علي :  ابنة عمي ، وقال جعفر :  ابنة عمي وخالتها تحتي ، وقال زيد :  ابنة أخي ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  "الخالة بمنزلة الأم" رواه  البخاري .  
وكانت أحسن فتاة في قريش ،  والله سبحانه وتعالى أعلم . 
 [ ص: 93 ] 
				
						
						
