روى عن الطبراني -رضي الله تعالى عنه- قال : بدت لنا معشر حسان الأنصار حاجة إلى الوالي ، وكان الذي طلبنا إليه أمرا صعبا ، فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم ، فكلموه ، وذكروا له وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ، فذكر لهم صعوبة الأمر ، فعذره القوم ، وألح عليه فوالله ما وجد بدا من قضاء حاجته ، فخرجنا حتى دخلنا المسجد فإذا القوم أندية ، قال ابن عباس ، فضحكت وأنا أسمعهم : إنه والله كان أولاكم بها ، إنها والله صبابة النبوة ، ووراثة أحمد ، وتهذيب أعراقه ، وانتزاع شبه طباعه ، فقال القوم : أجمل يا حسان : فقال حسان ، صدقوا فأجمل ، فأنشأ ابن عباس : يمدح حسان -رضي الله تعالى عنه- : ابن عباس
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه رأيت له في كل مجمعة فضلا إذا قال لم يترك مقالا لقائل
بملتقطات لا ترى بينها فضلا كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع
لذي أربة في القول جدا ولا هزلا سموت إلى العليا بغير مشقة
فنلت ذراها لا جبانا ولا وغلا خلقت حليفا للمروءة والندى
بليجا ولم تخلق كهاما ولا خبلا
فقال الوالي : ما أراد بالكهام غيري ، والله بيني وبينه .
السابع عشر : في توفي وفاته -رضي الله تعالى عنه- بالطائف .
روى برجال الصحيح عن الطبراني -رحمه الله تعالى- قال : مات سعيد بن جبير -رحمه الله- ورضي الله عنه ابن عباس بالطائف ، وشهدنا جنازته ، فجاء طائر لم ير على خلقه ، حتى دخل في نعشه ، ثم لم ير خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على القبر يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [الفجر : 27 - 30] .
وروي أيضا عن عبد الله بن ياسين عن أبيه نحوه ، إلا أنه قال : جاء طائر أبيض يقال له : الغرنوف .
قال يحيى بن بكير -رحمه الله تعالى- : توفي سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى أو اثنتين وسبعين سنة ، وكان يصفر لحيته . عبد الله بن عباس
[ ص: 133 ] الثامن عشر : في ولده رضي الله تعالى عنه
كان له -رضي الله تعالى عنه- من الولد وبه كان يكنى ، العباس ، وعلي البحار ، والفضل ، ومحمد ، وعبيد الله ، ولبابة ، وأسماء رضي الله تعالى عنها .