الباب الثاني عشر في بعض مناقب أم المؤمنين صفية بنت حيي - رضي الله تعالى عنها -
وفيه أنواع :
الأول في . نسبها
هي ، وكان أبوها سيد صفية بنت حيي بضم الحاء المهملة ، وكسر وبمثناتين تحتيتين الأخيرة مشددة ابن أخطب بخاء معجمة فطاء مهملة وزن أكبر ابن شعية بفتح الشين والعين المهملتين بعدهما تحتية ابن ثعلبة بن عامر بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير - بفتح النون وكسر الضاد المعجمة - ابن النحام بن ينحوم كما في الأنساب أو يتحوم بني النضير ، وهو من سبط لؤي بن يعقوب ثم من ذرية نبي الله ورسوله هارون بن عمران أخي موسى - عليهما الصلاة والسلام - قال الحافظ : ولد مائة نبي ، ومائة ملك ثم سيرها - الله تعالى - أمة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أبوها سيد صفية بنت حيي بني النضير ، فقتل مع بني قريظة ، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة بن سموأل القرظي .
الثاني : في . تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بها
كانت عند سلام ، بالتخفيف والتشديد ، ابن مشكم ، بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الكاف ، ثم خلف عليها كنانة ، بكسر الكاف ونونين ، ابن الربيع بن أبي الحقيق ، بحاء مهملة وقافين مصغر ولم تلد لأحد منهما شيئا ، وكانت عند سلمة لم تبلغ سبع عشرة سنة .
وروى برجال ثقات قال : الطبراني سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفية بنت حيي بن أخطب بني النضير ، فقدم خيبر وهي عروس بكنانة بن أبي الحقيق .
وروى بسند جيد عن الطبراني حسن بن حرب - رضي الله تعالى عنه - صفية قال لأصحابه : ما تقولون في هذه الجارية ؟ قالوا : نقول : إنك أولى الناس بها وأحقهم ، قال : فإني (أعتقها وأنكحها ) ، وجعلت عتقها مهرها ، فقال رجل : الوليمة يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الوليمة أول يوم حق ، والثانية معروف ، والثالثة : فخر . وروي عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفاء الله عليه - رضي الله تعالى عنه - قال : أنس خيبر ، فلما فتح - الله تعالى - الحصن عليه صارت صفية بنت حيي لدحية في مقسمه ، وكانت عروسا وقد قتل زوجها ، وجعلوا يمدحونها ، عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولون : ما رأينا في السبي [ ص: 213 ] مثلها ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فاشتراها بسبعة أرؤس ثم دفعها إلى دحية تصنعها وتهيئها في بيتها ، وتعتد في بيتها فخرج بها أو جعلها خلف ظهره ، فلما نزل ضرب عليها الحجاب ، فتزوجها وجعل عتقها صداقها ، وأقام ثلاثة أيام حتى أعرس بها ، وكان قد ضرب عليها الحجاب أم سليم ، وفي رواية : لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سد الروحاء فبنى بها ثم صنع حيسا في نطع صغير ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادن من حولك وفي رواية : فلما أصبح ، قال : من كان عنده فضل زاد فليأتنا به فكان الرجل يأتي بفضل التمر وفضل السويق حتى جعلوا من ذلك حيسا في نطع صغير ، فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء ، فكانت تلك وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية ، وقال الناس : لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد فلما أراد أن يركب حجبها فقعدت على عجز البعير ، فعرفوا أنه قد تزوجها ثم رجعنا إلى المدينة ، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيرها فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبتيه حتى تركب ، فانطلقنا حتى إذا رأينا جدار المدينة هششنا إليها ورفعنا مطينا ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطيته وصفية خلفه قد أردفها فعثرت مطية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصرع وصرعت ، فليس أحد من الناس ينظر إليه ولا إليها فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسترها فأتيناه فقال : «لم نضر » فقدم المدينة فخرج جواري نسائه يتراءينها ويشمتن بصرعتها . حتى إذا بلغنا
وروى ابن أبي خيثمة عنه قال : صفية وجعل عتقها صداقها وروي أيضا عنه قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم تزوج صفية وجعل عتقها صداقها . أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وروى أيضا عن - رحمه الله تعالى - قال : قتادة تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بنات هارون - صلى الله عليه وسلم - فكانت مما أفاء الله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم صفية بنت حيي بن أخطب خيبر ، فكانت قبله عند كنانة بن أبي الحقيق فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر وأخذ صفية فتزوجها وجعل عتقها مهرها .
وروى أيضا عن صفية - رضي الله تعالى عنها - قالت : . أعتقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل عتقي صداقي
وروى أيضا عن قال : الزهري سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفية بنت حيي بن أخطب بني النضير وكانت مما أفاء الله عليه فقسم لها وحجبها ، وكانت من نساء أمهات المؤمنين .
وروى عن أبو يعلى رزينة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية يوم قريظة والنضير حين فتح الله تعالى عليه - فجاء بها يقودها مسبية فلما رأت النساء ، قالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فأرسلها ، وكان ذراعها في يده فأعتقها وتزوجها وأمهرها رزينة ، قال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبى الهيثمي : وهو مخالف لما في الصحيح .
[ ص: 214 ] وروى عن أبو يعلى - رضي الله تعالى عنه - قال : أنس صفية وجعل عتقها صداقها ، وجعل الوليمة ثلاثة أيام ، وبسط نطعا جاءت به ، وألقى عليه أقطا وتمرا ، وأطعم الناس ثلاثة أيام أم سليم ، وهو في الصحيح دون قوله : وجعل الوليمة ثلاثة أيام . تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وروى ابن منيع والحارث بن أبي أسامة برجال ثقات ، والإمام وأبو يعلى برجال الصحيح عن أحمد - رضي الله تعالى عنه - قال : جابر صفية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسطاطه حضرنا وحضرت معهم ليكون فيها قسم ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «قوموا عن أمكم » ، فلما كان العشي خرج إلينا وفي طرف ردائه من مد ونصف من تمر عجوة ، فقال : «كلوا من وليمة أمكم » . لما دخلت
وروى بسند جيد عن البزار - رضي الله تعالى عنه - أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يولم على أحد من نسائه إلا صفية .
وروى أبو بكر بن خيثمة عن - رضي الله تعالى عنه - قال : أنس لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اصطفى لنفسه ، وخرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يردفها وراءه ، ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع رجله حتى تقوم عليها ، فتركب فلما بلغ صفية ابنة حيي سد الصهباء عرس بها فصنع حيسا من نطع وأمرني فدعوت له من حوله ، فكانت تلك وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
وروى : أبو عبيدة معمر بن المثنى تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شوال سنة سبع ، وكانت مما أفاء الله - تعالى - على رسوله يوم خيبر ، وكان فتح خيبر في رمضان .
وروي عن عن حماد بن سلمة ثابت عن أنس بسبعة أرؤس صفية بنت حيي وخالفه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى عبد العزيز بن صهيب عن عميرة عن - رضي الله تعالى عنه - فقالوا : أنس خيبر جاء فقال : أعطني جارية من السبي ، فقال : اذهب فخذ جارية دحية بن خليفة الكلبي . الحديث . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جمع سبي
الثالث : في رؤياها ما يدل على زواجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -
روى برجال الصحيح الطبراني في صحيحه عن وابن حبان - رضي الله تعالى عنهما - قال : ابن عمر صفية خضرة ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بعينيك ؟ ، فقالت : قلت لزوجي إني رأيت فيما يرى النائم كأن قمرا وقع في حجري ، فلطمني ، وقال : أتريدين ملك [ ص: 215 ] يثرب . قلت : وما كان أبغض إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل أبي وزوجي فما زال يعتذر إلي ، وقال : يا صفية ، إن أباك ألب علي العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذاك من نفسي . كان بعين
وروى الطبراني عن وابن أبي عاصم أبي برزة - رضي الله تعالى عنه - قال : خيبر وصفية عروس فرأت في المنام أن الشمس وقعت على صدرها فقصتها على زوجها ، وفي رواية : على أمها فقال : والله ما تمنين إلا هذا الملك الذي نزل ، فافتتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب عنق زوجها . الحديث . لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ولا مخالفة بينها وبين الرواية التي قبلها باعتبار التعدد فقصت ذلك على أبيها أولا ثم على زوجها ثانيا ، ولهذا اختلفت العبارة في التعبير .