الباب الثالث في حفاظ القرآن من أصحابه- رضي الله تعالى عنهم- في حياته- صلى الله عليه وسلم-
روى الشيخان عن - رضي الله تعالى عنهما- قال : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : عبد الله بن عمر عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ » وأبي بن كعب «خذوا القرآن من أربع - رضي الله تعالى عنهم-
قال الشيخ في الإتقان : أي تعلموا منهم والأربعة المذكورون اثنان من المهاجرين ، وهما المبدأ بهما ، واثنان من الأنصار سالم بن معقل مولى أبي حذيفة . ومعاذ بن جبل
وروى البخاري - رضي الله تعالى عنه- قال : سألت قتادة من جمع القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ فقال : أربعة كلهم من الأنصار : أنس بن مالك ، أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت وأبو زيد ، قلت : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي . عن
وروي أيضا من طريق ثابت عن - رضي الله تعالى عنه- قال : أنس ، أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت وأبو زيد . مات النبي- صلى الله عليه وسلم- ولم يجمع القرآن غير أربعة :
وروى مسدد - رضي الله تعالى عنهما- قال : أربعة رهط لا أزال أحبهم منذ سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن عمرو ، عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ، وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل . عن
وروى برجال ثقات عن البزار - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : ابن مسعود ، أبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، ومعاذ بن جبل » وسالم مولى أبي حذيفة . «استقرئوا القرآن من أربعة : من
وروى برجال ثقات غير الطبراني إبراهيم بن محمد بن عثمان الحضرمي فيحرر حاله والبيهقي عن وأبو داود - رحمه الله تعالى- قال : عامر الشعبي الأنصار : ، زيد بن ثابت وأبو زيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبو الدرداء ، وسعد بن عبادة ، وقد كان وأبي بن كعب جارية بن مجمع قد قرأه إلا سورة أو سورتين . جمع القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ستة من
وروى مرسلا برجال الصحيح عن الطبراني - رحمه الله تعالى- قال : عبد الرحمن بن أبي ليلى كان سعيد بن عبيد يسمي القارئ على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . [ ص: 331 ]
وروى أبو يعلى والبزار برجال ثقات عن والطبراني - رضي الله تعالى عنه- قال : أنس
افتخر الحيان من الأنصار الأوس والخزرج ، فقالت الأوس : منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب ، ومنا من اهتز له عرش الرحمن : ، ومنا من حمته الدير سعد بن معاذ عاصم بن ثابت بن أبي الأفلج ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين ، وقال خزيمة بن ثابت الخزرجيون : منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يجمعه غيرهم : ، زيد بن ثابت وأبو زيد ، ، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل .
وروى ولم يعد غير خمسة من الستة عن الطبراني داود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وزكريا بن أبي زائدة - رحمهم الله تعالى- قالوا : الأنصار : ، أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت وأبو زيد ، وسعد بن عبيد » . «جمع القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ستة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلهم من
وروى بسند حسن عن الطبراني عيسى السعدي - رحمه الله تعالى- قال : رأيت أبيض الرأس واللحية ما خضب . أبي بن كعب
روى الإمام أحمد بسند حسن عن والطبراني أبي حبة البدري - رضي الله تعالى عنه- قال : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب [البينة 1] إلى آخرها قال جبريل :
يا رسول الله ، إن الله يأمرك أن تقرئها أبيا ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأبي : إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة قال أبي : إني قد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فبكى أبي . لما نزلت
وروى برجال ثقات عن الطبراني أبي بضم الهمزة ، وتشديد التحية ، ابن كعب - رضي الله تعالى عنه- قال : أبا المنذر ، أمرت أن أعرض عليك القرآن» ، فقال : بالله آمنت ، وعلى يديك أسلمت ، ومنك تعلمت ، قال : فرد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القول ، فقال : يا رسول الله ، ذكرت هناك ؟ قال : نعم باسمك ونسبك في الملإ الأعلى قال : فأقرأ إذا يا رسول الله . قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «يا
وفي رواية : جبريل أن أعرض عليك- إني عرضت على النبي- صلى الله عليه وسلم- القرآن ، فقال : أمرني
وفي رواية : أبي : قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أمرت أن أقرئك القرآن . قال
وروى عن الحاكم ، ابن عمرو عن وابن عساكر - رضي الله تعالى عنهم- ابن عمر ، عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، ومعاذ بن جبل » زاد وأبي بن كعب : لقد هممت أن أبعثهم إلى ابن عمر اليمن كما [ ص: 332 ] بعث عيسى ابن مريم الحواريين ، قالوا : يا رسول الله ، أفلا تبعث أبا بكر فهما أعلم وأفضل ، فقال : إني لا غنى لي عنهما ، إنهما مني بمنزلة السمع والبصر ، وبمنزلة العينين من الرأس وعمر . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «خذوا القرآن من أربعة : من
روى الإمام أحمد بسند صحيح والنسائي والبيهقي قال : جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة ، فبلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «اقرأه في شهر» عبد الله بن عمرو عن
انتهى .
وروى ابن أبي داود وبسند حسن عن قال : محمد بن كعب القرظي الأنصار ، معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وأبي بن كعب ، وأبو الدرداء وأبو أيوب الأنصاري . جمع القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خمسة من
وروى في المدخل عن البيهقي قال : ابن سيرين ، معاذ بن جبل ، وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد ، واختلفوا في رجلين من ثلاثة : ، أبي الدرداء ، وقيل : وعثمان عثمان وتميم الداري . جمع القرآن على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربعة لا يختلف فيهم :
وروى ابن سعد في الطبقات ، والإمام أحمد وأبو داود وأبو يعلى والحاكم أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يزورها ويسميها الشهيدة ، وكانت قد جمعت القرآن وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين غزا بدرا ، قالت له : أتأذن لي أن أخرج معك ، الحديث ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يزورها في بيتها ، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها في بيتها ، وأمرها أن تؤم أهل دارها . عن
ذكر في كتاب القراءات أنه ذكر القراء من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- فعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة ، أبو عبيد ، وطلحة وسعدا ، وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة ، وعبد الله بن السائب ، والعبادلة ، ، وعائشة وحفصة ، . ومن وأم سلمة الأنصار : ، عبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل الذي يكنى أبا حليمة ومجمع بن جارية وفضالة بن عبيد ، ومسلمة بن مخلد ، وصرح بأن بعضهم أكمله بعد النبي- صلى الله عليه وسلم- فلا يرد على الحصر المذكور في حديث ، وعد أنس ابن أبي داود منهم تميما الداري ، وممن جمعه أيضا وعقبة بن عامر ، وذكره أبو موسى الأشعري أبو عمرو الداني .
وروى أبو أحمد العسكري : لم يجمع القرآن من الأوس غير سعد بن عبيد . وروى محمد بن حبيب في «المخبر» سعد بن عبيد أحد من جمع القرآن في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى برجال الصحيح عن الإمام أحمد - رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة
يعرض القرآن على النبي- صلى الله عليه وسلم- في كل سنة مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين . «كان [ ص: 333 ]
كذا في نسختين من مجمع الزوائد ، ظاهره أن حفظ القرآن في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . أبا هريرة
تنبيهات
الأول : قيل : إن سعدا هذا هو أبو زيد المذكور في حديث ، وقد اختلف في اسمه فقيل : هو أنس سعد بن عبيد بن النعمان ، أحد ابني عمر بن عوف ، ورد بأنه أوسي ، خزرجي ، وقد قال : إنه أحد عمومته وبأن وأنس عده هو الشعبي وأبو زيد جميعا فيمن جمع القرآن كما تقدم فدل على أنه غيره وقال ابن حجر : قد ذكر ابن أبي داود فيمن جمع القرآن قيس بن أبي صعصعة وهو خزرجي يكنى أبا زيد فلعله هو .
وذكر أيضا سعد بن المنذر بن أوس بن زهير وهو خزرجي أيضا ، ولكن لم أر التصريح بأنه يكنى أبا زيد قال : ثم وجدت عند ما يرفع الإشكال ، فإنه روى بإسناد على شرط أبي داود إلى البخاري ثمامة عن «أن أنس أبا زيد الذي جمع القرآن اسمه قيس بن السكن وكان رجلا منا من بني عدي بن النجار أحد عمومتي ومات ولم يدع عقبا ، ونحن ورثناه» . قال ابن أبي داود : حدثنا أنس بن خالد الأنصاري قال : هو قيس بن السكن بن زعوراء من بني عدي بن النجار ، قال ابن أبي داود : ومات قريبا من وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فذهب علمه ولم يؤخذ عنه ، وكان عقيبا بدريا ، ومن الأقوال في اسمه : ثابت وأوس ومعاذ .
الثاني : المشهور بقراءة القرآن من الصحابة سبعة : ، عثمان ، وعلي وأبي ، ، وزيد بن ثابت وابن مسعود ، وأبو الدرداء كذا ذكرهم وأبو موسى الأشعري الذهبي في طبقات القراء ، قال : وقد قرأ على أبي جماعة من الصحابة ، منهم أبو هريرة ، وابن عباس وعبد الله بن السائب ، وأخذ عن ابن عباس زيد أيضا .
الثالث : قال الكرماني في حديث : يحتمل أنه- صلى الله عليه وسلم- أراد الإعلام بما يكون بعده أي أن هؤلاء الأربعة يبقون حتى ينفردوا بذلك ، وتعقب بأنهم لم ينفردوا بل الذين مهروا في تجويد القرآن بعد العصر النبوي أضعاف المذكورين وقد قتل «خذوا القرآن عن أربعة» سالم مولى أبي حذيفة في وقعة اليمامة ، ومات في خلافة معاذ ، ومات عمر أبي ، في [ ص: 334 ] خلافة وابن مسعود ، وقد تأخر عثمان - رضي الله تعالى عنه- ، وانتهت إليه الرئاسة في القراءة ، وعاش بعدهم زمنا طويلا ، فالظاهر أنه أمر بالأخذ عنهم في الوقت الذي صدر فيه ذلك القول ، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد من ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن الكريم ، بل كان الذين يحفظون (مثل الذين حفظوه ) وأزيد جماعة من الصحابة . زيد بن ثابت
وفي الصحيح في غزوة بئر معونة «أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم القراء ، وكانوا سبعين رجلا» .
الرابع : في حديث ثابت عن مخالفة لحديث أنس من وجهين . قتادة
أحدهما : التصريح بصيغة الحصر في الأربعة .
والآخر : ذكر بدل أبي الدرداء وقد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة قال الإمام أبي بن كعب : لا يلزم من قول المازري لم يجمعه غيرهم أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ، لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه ، وإذا كان المرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك ، وقال أنس : إنما خص القرطبي الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم ، أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم . أنس
وقال القاضي : الجواب عن حديث أبو بكر الباقلاني من أوجه . أنس
أحدها : أنه لا مفهوم له .
الثاني : المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها إلا أولئك .
الثالث : لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته وما لم ينسخ إلا أولئك .
الرابع : المراد بجمعه تلقيه من في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا بواسطة .
الخامس : أنهم تصدوا لإلقائه وتعليمه فاشتهروا به .
السادس : المراد بالجمع الكتابة .
السابع : المراد بالجمع أنه لم يفصح بأن أحدا جمعه بمعنى إكمال حفظه في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا أولئك .
الثامن : المراد بجمعه السمع والطاعة له والعمل بموجبه ، وقد أخرج في الزهد من طريق أحمد أبي الزاهرية أن رجلا أتى فقال : إن ابني جمع القرآن فقال : اللهم غفرا! إنما جمع القرآن من سمع وأطاع . [ ص: 335 ] أبا الدرداء
قال الحافظ ابن حجر : في غالب هذه الاحتمالات تكلف ولا سيما الأخير ، وقد ظهر لي احتمال آخر ، وهو أن المراد إثبات ذلك للخزرج دون الأوس فقط فلا ينفى ذلك عن غير القبيلتين من المهاجرين ، لأنه قال ذلك في معرض المفاخرة بين الأوس والخزرج ، قال : والذي يظهر من كثير من الأحاديث أن كان يحفظ القرآن في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- ففي الصحيح : أنه بنى مسجدا أيضا بفناء داره ، فكان يقرأ فيه القرآن ، وهو محمول على ما كان نزل منه إذ ذاك ، وقد صح حديث : أبا بكر ، وقد قدمه- صلى الله عليه وسلم- في مرضه إماما للمهاجرين والأنصار ، فدل على أنه كان أقرأهم . انتهى . «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»
قال الشيخ في الإتقان : وقد سبقه إلى نحو ذلك ابن كثير .
قلت : لكن أخرج ابن أشتة في المصاحف بسند صحيح عن قال : محمد بن سيرين
مات ولم يجمع القرآن له وقتل أبو بكر ، ولم يجمع القرآن له ، قال عمر ابن أشتة : قال بعضهم :
يعني لم يقرأ جميع القرآن حفظا ، وقال بعضهم : هو جمع المصاحف ، قال ابن حجر : وقد ورد عن أنه جمع على ترتيب النزول عقب موت النبي- صلى الله عليه وسلم- أخرجه علي ابن أبي داود . [ ص: 336 ]