[ ص: 319 ] الباب الخامس
في سبب دار الأرقم بن أبي الأرقم
واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربهم تبارك وتعالى دخول النبي صلى الله عليه وسلم
دخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم يعبد الله تعالى فيها سرا من قومه ، ودخل معه جماعة حتى تكامل المسلمون أربعين رجلا وكان آخرهم رضي الله تعالى عنه ، فلما تكاملوا أربعين رجلا خرجوا فلما أسلم عمر بن الخطاب قال : يا رسول الله علام نخفي ديننا ونحن على الحق ويظهر دينهم وهم على الباطل؟ فقال : يا عمر إنا قليل . فقال عمر : فوالذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان . عمر
وسيأتي بسط ذلك في إسلام رضي الله تعالى عنه . عمر
روى الحافظ أبو الحسن سليمان بن خيثمة الأطرابلسي عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة لما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور ، فقال : يا أبو بكر إنا قليل . أبا بكر
فلم يزل يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق المسلمون في نواحي أبو بكر المسجد كل رجل في عشيرته ، وقام في الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، جالس فكان أبو بكر وثار المشركون على أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين فضربوا في نواحي أبي بكر المسجد ضربا شديدا ، ووطئ وضرب ضربا شديدا ، ودنا منه الفاسق أبو بكر عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ويحرقهما لوجهه من على بطن حتى ما يعرف وجهه من أنفه . أبي بكر
وجاءت بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن وحملت أبي بكر بنو تيم في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعت أبا بكر بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا : والله لئن مات لنقتلن أبو بكر عتبة بن ربيعة . فرجعوا إلى فجعل أبي بكر أبو قحافة وبنو تيم يكلمون حتى أجاب فتكلم في آخر النهار فقال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه وقالوا لأمه أبا بكر أم الخير انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه .
فلما خلت به ألحت عليه وجعل يقول : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت : والله ما لي علم بصاحبك . فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه . فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت : إن يسألك عن أبا بكر محمد بن عبد الله . فقالت : ما أعرف ولا أبا بكر محمد بن عبد الله وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك . فقالت : نعم .
فمضت معها حتى وجدت صريعا دنفا فدنت أبا بكر أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت : والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم . قال : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : هذه أمك تسمع . قال : فلا شيء عليك [ ص: 320 ]
منها . قالت : سالم صالح . قال : فأين هو؟ قالت : في دار الأرقم . قال : فإن لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمهلنا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ علي حتى أدخلناه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة ، فقال : بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك ، فعسى الله أن يستنقذها بك من النار . فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الله فأسلمت أبو بكر .
وأقاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار شهرا وهم تسعة وثلاثون رجلا ، وقد كان أسلم يوم ضرب حمزة بن عبد المطلب أبو بكر .
أو لعمر بن الخطاب لأبي جهل بن هشام ، فأصبح ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلى عمر مكة ، فقام فقال : يا رسول الله علام نخفي ديننا فذكر نحو ما سبق . عمر
وذكر إسلام هنا غريب والصحيح أنه أسلم بعد الهجرة الأولى إلى عمر الحبشة .
قال : ابن إسحاق بمكة وتحدث به . وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا في ودخل الناس أرسالا الرجال والنساء في دين الله ، حتى فشا الإسلام الشعاب واستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينا في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب من سعد بن أبي وقاص شعاب مكة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب يومئذ رجلا من المشركين بلحيي بعير فشجه وكان سعد بن أبي وقاص . أول دم أهريق في الإسلام