قال تعالى : قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره [التوبة 24] .
روى الشيخان عن - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أنس «ثلاث [ ص: 430 ] من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما»
الحديث .
وروى الشيخان عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : . «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»
وروى عن البخاري - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أبي هريرة . «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده»
وروى عن أحمد عبد الله بن هشام ، - رضي الله تعالى عنه- أنه قال للنبي- صلى الله عليه وسلم- : لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي التي هي بين جنبي ، فقال له : «لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» عمر
فقال : والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إلي من نفسي التي بين جنبي فقال : «الآن يا عمر » عمر . عن
وروى الشيخان عن - رضي الله تعالى عنه- أنس
متى الساعة ؟ قال : «ما أعددت لها» ؟ قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله ، فقال : «أنت مع من أحببت» . أن رجلا أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال له :
وروى الترمذي عن والنسائي صفوان بن عسال أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال «المرء مع من أحب»
وروى عن الترمذي - رضي الله تعالى عنه- علي حسن - رضي الله تعالى عنهما- فقال : «من أحبني وأحب هذين وأمهما وأباهما كان معي في درجتي يوم القيامة» وحسين . أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أخذ بيد
وروى ، الطبراني ، عن وابن مردويه عائشة - رضي الله تعالى عنهم- وابن عباس ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا [النساء 69] . أن رجلا أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال : لأنت أحب إلي من أهلي ومالي ، وإني لأذكرك فما أصبر عنك حتى أنظر إليك ، وإني ذكرت موتي وموتك فعرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإن دخلتها لا أراك ، فأنزل الله تعالى
وروى الأصبهاني في الترغيب عن - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أنس . «من أحبني كان معي في الجنة»
وروى عن مسلم - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : أبي هريرة . «إن من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله»
- رحمه الله تعالى- : من لم ير ولاية الرسول- عليه الصلاة والسلام- في جميع أحواله ، ويرى نفسه في ملكه- صلى الله عليه وسلم- لا يذوق حلاوة سنته ، سهل بن عبد الله التستري
لأنه عليه الصلاة والسلام قال : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» وقال
الحديث . [ ص: 431 ]
وروى عن ابن عساكر : ابن عمر أن - رضي الله تعالى عنه- قال : أبا بكر
للنبي- صلى الله عليه وسلم- : «والذي بعثك بالحق لإسلام أبي طالب أقر لعيني من إسلامه- يعني أبا قحافة ، وذلك من أجل أن إسلام أبي طالب كان أقر لعينك .
وروى البيهقي عن والبزار - رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر أن قال عمر - رضي الله تعالى عنه- : أن تسلم أحب إلي من إسلام للعباس الخطاب ، لأن ذلك أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى ابن إسحاق عن والبيهقي إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت : ما فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالوا : خيرا هو بحمد الله تعالى كما تحبين ، قالت : أرونيه ، فلما رأته قالت :
كل مصيبة بعدك جلل ، وروى في الزهد ، عن ابن المبارك زيد بن أسلم أن - رضي الله تعالى عنه- خرج ليلة يحرس الناس فرأى مصباحا في بيت ، وإذا عجوز تنفش صوفا ، وهي تقول : عمر
على محمد صلاة الأبرار صلى عليه الطيبون الأخيار قد كنت قواما بكا بالأسحار
يا ليت شعري والمنايا أطوار
تعني النبي- صلى الله عليه وسلم- فجلس - رضي الله تعالى عنه- يبكي عمر .
وروى في «عمل يوم والليلة» أن ابن السني - رضي الله تعالى عنهما- خدرت رجله فقيل له : اذكر أحب الناس إليك يزل عنك فصاح : يا ابن عمر محمداه ، فانتشرت .
روى عن البيهقي - رضي الله تعالى عنه- عروة مكة أخرجوا زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه ، فقال له أبو سفيان : أنشدك بالله يا زيد ، أتحب أن محمدا عندنا بمقامك تضرب عنقه ، وأنت في أهلك ، فقال زيد - رضي الله تعالى عنه- : والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه ، وأنا جالس في أهلي ، فقال أبو سفيان : والله ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا . أن أهل
وروى ابن جرير عن والبزار - رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس . كانت المرأة إذا أتت النبي- صلى الله عليه وسلم- حلفها بالله ، ما خرجت من بغض زوج ، ولا رغبة بأرض عن أرض ، وما خرجت إلا حبا لله ورسوله
وروى ابن سعد أن وقف على ابن عمر - رضي الله تعالى عنهم- بعد قتله وقال : كنت والله فيما علمت صواما قواما تحب الله ورسوله . [ ص: 432 ] ابن الزبير
تنبيهات
الأول : قال القاضي : من إيثار حبه ، وإلا كان مدعيا ، فالصادق في حبه عليه الصلاة والسلام من تظهر علامات ذلك عليه ، وأولها : الاقتداء به ، واتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه ، وشاهد هذا قوله تعالى : علامة حبه- صلى الله عليه وسلم- قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [آل عمران 31] وإيثار ما شرعه وحض عليه على هوى نفسه .
وروى الترمذي - رضي الله تعالى عنه- قال : قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «يا بني إن قدرت على أن تمسي وتصبح ليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لي : وذلك من سنتي ، ومن أحيا سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني كان معي في الجنة» أنس . عن
فمن اتصف بهذه الصفات فهو كامل المحبة لله ورسوله ، ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ، ولا يخرج عن اسمها .
ومن علامة محبته- صلى الله عليه وسلم- كثرة ذكره ، فمن أحب شيئا أكثر ذكره .
ومنها كثرة الشوق إلى لقائه- صلى الله عليه وسلم- فكل حبيب يحب لقاء حبيبه ، وقد - رضي الله تعالى عنه- : وحين رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء من حوالي القصعة : فما زلت أحب الدباء من يومئذ أنس . قال وقد أتى الحسن بن علي وابن عباس وابن جعفر إلى سلمى ، خادمته ومولاة عمته صفية ، وسألوها أن تصنع لهما طعاما مما كان يعجب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، - رضي الله تعالى عنه- يلبس النعال السبتية ، ويصبغ بالصفرة إزاره ، يفعل نحو ذلك ابن عمر . وكان
ومن علامة حبه بغض من أبغض الله ورسوله ومجانبة من خالف سنته وابتدع في دينه واستثقاله كل أمر يخالف شريعته قال تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله [المجادلة 22] وهؤلاء الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- قد قتلوا أحباءهم ، وقاتلوا أبناءهم وآباءهم في مرضاته ، روى البخاري عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول قال : يا رسول الله لو شئت لأتيتك برأسه يعني : أباه . عن
الثاني : الميل إلى ما يوافق الإنسان إما باستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة ، والأطعمة والأشربة اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له ، أو استلذاذه بإدراك بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف المأثور عنهم السير الجميلة والأفعال الحسنة ، فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ ذلك ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان وهتك الحرم واحترام النفوس أو يكون حبه إياه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه ، فقد جبلت [ ص: 433 ] حقيقة المحبة
النفوس على حب من أحسن إليها .
قال القاضي : فقد استبان لك أنه- صلى الله عليه وسلم- مستوجب للمحبة الحقيقية شرعا بما قدمناه من صحيح الآثار ، لإفاضته الإحسان علينا ، من رأفته بنا ورحمته لنا وهدايته إيانا وشفقته علينا ، وإنقاذنا من ورطة الجهالة ، وإنه بنا رؤوف رحيم ، ورحمة للعالمين وقد جمع الله تعالى فيه جميع أسباب المحبة المتقدمة ، فإن الله تعالى جمله بجمال الصور الظريفة وبكمال الأخلاق والباطن وبمكارم الإحسان ، وكرائم الإنعام .
قال القاضي - رحمه الله تعالى- : فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفا . أو أنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم فهو أولى بالحب ، وإذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته ، أو حاكم لما يؤثر عنه من قوام طريقته ، أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه ، أو كرم شيمته ، فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل ،
وقد - رضي الله تعالى عنه- في صفته- صلى الله عليه وسلم- : من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه علي . قال
الثالث في بيان غريب ما تقدم :
جلل : - بجيم فلام مفتوحتين فلام أخرى- أي هين حقير .
بكا : - بضم الموحدة- قصر لضرورة الوزن .
الأسحار : بهمزة مفتوحة ، فسين ساكنة ، فحاء مفتوحة مهملتين ، فألف فراء- خصتها بالبكاء لأنها أوقات خلوة وابتهال إلى الله تعالى ، قال لقمان لابنه : «يا بني لا يكن الديك أكيس منك ينادي بالأسحار وأنت نائم» .
المنايا : - بميم فنون مفتوحتين فألف فتحتية فألف- جمع منية : وهي الموت من منى الله عليك بمعنى قدر ، لأنه مقدر بوقت مخصوص .
أطوار : - بهمزة مفتوحة ، فطاء مهملة ساكنة ، فواو فألف فراء- حالات شتى مختلفة .
الدثنة : - بدال مهملة مفتوحة ، فمثلثة مكسورة ، فنون مشددة مفتوحة- . [ ص: 434 ]