وهي ما وصل به- صلى الله عليه وسلم- بالزواج
لقوله- عليه الصلاة والسلام- : «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري»
ومعاهده وإكرام مشاهده وأمكنته وما لمسه وما عرف به- صلى الله عليه وسلم- .
وروى أنه بلغ ابن عساكر أن معاوية بن أبي سفيان حابس بن ربيعة بن مالك الشامي من بني سامة بن لؤي بصري يشبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتوجه إليه فلما دخل عليه قام فتلقاه ، وقبله بين عينيه وأقطعه المرغاب بميم مكسورة وإسكانه فمعجمة لشبهه برسول الله- صلى الله عليه وسلم- . معاوية
وروي صفية بنت نجدة ، قالت : كان لأبي محذورة «قصة» بقاف مضمومة فمهملة مشددة- ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس . قال : هي كل خصلة من شعر الرأس وقال ابن دريد الجوهري : هي شعر الناصية في مقدم رأسه إذا قعد وأرسلها أصابت الأرض ، فقيل له : ألا تحلقها فقال : لم أكن بالذي أحلقها وقد مسها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بيده . عن
وروى أبو يعلى - بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة- وهي ما تسمى الآن تبعا- شعرات من شعر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسقطت قلنسوته في بعض حروبه فشد عليها- أي على القلنسوة- شدة أنكر عليه أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كثرة من قتل فيها ، فقال : لم أفعلها بسبب القلنسوة ، بل لم تضمنته من شعر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لئلا أسلب بركتها ، وتقع في أيدي المشركين خالد بن الوليد . أنه كان في قلنسوة
وروى ابن سعد عن إبراهيم أن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : رئي واضعا يده على مقعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المنبر ثم وضعها على وجهه . ابن عمر
ولهذا كان رحمه الله لا يركب مالك بالمدينة دابة وكان يقول : استحي من الله تعالى أن أطأ تربة وطئ فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحافر دابة .
وروي أنه وهب للشافعي كراعا- بكاف مضمومة فراء مخففة ، أي : خيلا- كثيرا كان عنده فقال له : أمسك منها دابة ، فأجابه بمثل هذا الجواب . الشافعي
وحكى الإمام الجليل أبو عبد الرحمن السلمي عن أحمد بن فضلويه الزاهد وكان من الغزاة الرماة أنه قال : ما مسست- بكسر المهملة وقد تفتح- القوس بيدي إلا على طهارة منذ بلغني أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أخذ القوس بيده . [ ص: 452 ]
وقد أفتى - رحمه الله تعالى- فيمن قال : تربة مالك المدينة رديئة- بالهمزة ، وقد لا تهمز تخفيفا- بضربه ثلاثين درة ، وأمر بحبسه وكان المضروب له قدر فقال الإمام : ما أحوجه إلى ضرب عنقه تربة دفن فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يزعم أنها غير طيبة .
وفي الصحيحين عن علي - رضي الله تعالى عنهما- وأنس المدينة : «من أحدث فيها حدثا أي : منكرا مبتدعا غير مرضي ولا معروف ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في
وروى مالك وأبو داود والنسائي عن وابن ماجه رضي الله تعالى عنه أبي هريرة . أنه عليه الصلاة والسلام قال : «من حلف على منبري كاذبا فليتبوأ مقعده من النار»
وحكي أن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة [زائرا وقرب من بيوتها] ترجل ومشى باكيا منشدا :
ولما رأينا رسم من لم يدع لنا فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبا نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة
لمن بان عنه أن نلم به ركبا
رفع الحجاب لنا فلاح لناظر قمر تقطع دونه الأوهام
وإذا المطي بنا بلغن محمدا فظهورهن على الرجال حرام
قربننا من خير من وطئ الثرى ولها علينا حرمة وذمام
قال القاضي - رحمه الله تعالى- : وجدير- أي حقيق- لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل وتردد بها جبريل وميكائيل وعرجت منها الملائكة والروح ، وضجت- أي صوتت- عرصاتها - جمع عرصة ما وسع من المكان- بالتقديس والتسبيح ، واشتملت تربتها على سيد البشر ، وانتشر عنها من كتاب الله تعالى ودينه وسنة رسوله ما انتشر مدارس آيات ، ومساجد ، وصلوات ، ومشاهد الفضائل والخيرات ، ومعاهد البراهين من الآيات والمعجزات ، [ ص: 453 ] ومناسك الدين ومشاعر المسلمين ، ومواقف سيد المرسلين ، ومتبوأ خاتم النبيين ، حيث انفجرت النبوة وأين فاض عبابها ومواطن مهبط الرسالة ، وأول موطن مس جلد المصطفى ترابها أن تعظم عرصاتها وتتنسم نفحاتها ، وتقبل ربوعها وجدرانها :
يا دار خير المرسلين ومن به هدي الأنام وخص بالآيات
عندي لأجلك لوعة وصبابة وتشوق متوقد الجمرات
وعلي عهد إن ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرصات
لأعفرن مصون شيبي بينها من كثرة التقبيل والرشفات
لولا العوادي والأعادي زرتها أبدا ولو سحبا على الوجنات
لكن سأهدي من حفيل تحيتي لقطين تلك الدار والحجرات
أزكى من المسك المفتق نفحة تغشاه بالآصال والبكرات
وتخصه بزواكي الصلوات ونوامي التسليم والبركات