الباب الخامس في عصمته صلى الله عليه وسلم من الشيطان
أجمعت الأمة على عصمته- عليه الصلاة والسلام- من الشيطان .
روى عن البخاري - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن مسعود
وإياك يا رسول الله قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم» . «ما منكم من أحد إلا وكل الله به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا :
وفي رواية : . «فلا يأمرني إلا بخير»
وروى الشيخان وغيرهما عن - رضي الله تعالى عنه- أبي هريرة أنه- عليه الصلاة والسلام- قال : إن الشيطان عرض لي .
زاد «في صورة هر فشد علي ، يقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية» عبد الرزاق .
وفي رواية : سليمان : وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا» . «بسارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه فذكرت قول أخي
وروى عن مسلم - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبي الدرداء وذكر نحوه وقال : «إن عدو الله إبليس جاءني بشهاب من نار ليجعله في وجهي والنبي- صلى الله عليه وسلم- في الصلاة ، وذكر تعوذه بالله منه ولعنه له ثم أردت أن آخذه» المدينة » «لأصبح موثقا يتلاعب به ولدان أهل
انتهى .
وروى الشيخان - رضي الله تعالى عنها- قالت حين لد من مرضه- صلى الله عليه وسلم- وقيل له : خشينا أن يكون بك ذات الجنب فقال : إنها من الشيطان ولم يكن الله ليسلطه علي عائشة . [ ص: 460 ] عن
تنبيهات
الأول : لا يرد على عصمته قوله تعالى : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله [الأعراف 200] قال القاضي : قيل : إنها راجعة لقوله : خذ العفو [الأعراف 199] أي : ما سهل من أخلاق الناس وأفعالهم ، وما يسهل فيكم فلاطفه ولا تطلب الجهد ، وما يشق عليهم حذرا من أن ينفروا عنك .
وأمر بالعرف أي المعروف والجميل من الأفعال .
وأعرض عن الجاهلين ولا تجادل السفهاء بمثل سفههم ، ولا تمارهم ، واحلم عنهم ، فهذه الآية جبريل - عليه الصلاة والسلام- عنها فقال :
«لا أدري حتى أسأل ربي ، ثم رجع فقال : يا محمد إن الله أمرك أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، ثم قال : أجمع لمكارم الأخلاق ، وقد سئل وإما ينزغنك [الأعراف 200] أي : يحملك على خلاف ما أمرت به .
وقيل : النزغ الفساد وقيل : أدنى الوسوسة ، فأمره الله تعالى ، متى تحرك عليه غضب على عدوه أو رام الشيطان من إغرائه به أن يستعيذ بالله منه ، فيكفيه أمره ويكون سبب تمام [عصمته] ، إذ لم يسلط عليه بأكثر من التعرض له ، ولم يجعل له قدرة عليه ، فيرجع خائبا خاسرا زائدا في نكاله انتهى .
الثاني : لا يرد أيضا على عصمته
من قوله- عليه الصلاة والسلام- حين نام عن الصلاة في الوادي ، كما رواه «إن هذا واد به شيطان» مالك عن والبيهقي زيد بن أسلم
فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام» بلالا . أن الشيطان أتى
[وتسلط الشيطان في ذلك الوادي الذي عرس به] إنما كان على الموكل بصلاة الفجر فلا اعتراض من هذا الباب [لبيانه وارتفاع إشكاله] ولم يقدر عدو الله على أذاه- صلى الله عليه وسلم- بسبب التسلط إلى غيره- صلى الله عليه وسلم- وقد كفاه الله تعالى أمره وعصمه . بلال
الثالث : في بيان غريب ما سبق .
قوله : فأسلم .
روي فأسلم- بفتح الميم- أي آمن .
وروي : فأسلم [بضم الميم ، أي فأسلم أنا منه] . [ ص: 461 ]