روى عن ابن أبي حاتم الأجلح قال : رجلا حسن الشعر حسن الهيئة صاحب صيد حمزة بن عبد المطلب ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على كان أبي جهل فولع به أبو جهل وآذاه ، فرجع من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه فقالت إحداهما : لو علم ذا ما صنع حمزة أبو جهل بابن أخيه أقصر عن مشيته . فالتفت إليهما فقال : وما ذاك؟ قالت : أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا .
فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه ثم قال : ديني دين محمد ، إن كنتم صادقين فامنعوني . ووثبت إليه قريش فقالوا : يا أبا يعلى . يا أبا يعلى إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية إلى قوله : وألزمهم كلمة التقوى [الفتح 26 . ] فأنزل الله تعالى :
قال الأجلح : أراد . حمزة بن عبد المطلب
وروى قال : حدثني رجل من ابن إسحاق أسلم وكان واعية ، برجال ثقات ، عن والطبراني يعقوب عن عتبة بن المغيرة برجال ثقات عن والطبراني رحمهم الله ، محمد بن كعب القرظي أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم .
فلم يلبث أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، فكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف حمزة بن عبد المطلب بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم ، وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة ، فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له : يا أبا عمارة : لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده هنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد .
فاحتمل الغضب لما أراد الله تعالى به من كرامته ، فخرج يسعى لم يقف على أحد معدا حمزة لأبي جهل إذا لقيه أن يقع به ، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل [ ص: 333 ] نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه بها شجة منكرة وقال : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرد على ذلك إن استطعت .
فقامت رجال من بني مخزوم إلى لينصروا حمزة أبا جهل فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا .
زاد عن يونس بن بكير : ابن إسحاق ثم رجع إلى بيته فقال : أنت سيد حمزة قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك؟ للموت خير لك مما صنعت . وقال : اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا . فبات بليلة لم يبت مثلها من وسوسة الشيطان ، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثا فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني .
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره ، فألقى الله تعالى في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد إنك لصادق فأظهر يا ابن أخي دينك فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول .
وتم على إسلامه وعلى ما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله . حمزة
فلما أسلم عرفت حمزة قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عز وامتنع ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه . وقال حين أسلم : حمزة
حمدت الله حين هدى فؤادي إلى الإسلام والدين الحنيف لدين جاء من رب عزيز
خبير بالعباد بهم لطيف إذا تليت رسائله علينا
تحدر دمع ذي اللب الحصيف رسائل جاء أحمد من هداها
بآيات مبينة الحروف وأحمد مصطفى فينا مطاع
فلا تغشوه بالقول الضعيف فلا والله نسلمه لقوم
ولما نقض فيهم بالسيوف ونترك منهم قتلى بقاع
عليها الطير كالورد العكوف وقد خبرت ما صنعت ثقيف
به فجزى القبائل من ثقيف إله الناس شر جزاء قوم
ولا أسقاهم صوب الخريف