الباب الثامن في أن توبته بالإسلام هل هي صحيحة مسقطة للقتل أم لا وهل يستتاب بالإسلام ويدعي الندم 
قال القاضي : [إن تاب على القول بقبول توبته فهذا يدرأ عنه القتل ، ويتسلط عليه اجتهاد الإمام بقدر شهرة حاله ، وقوة الشهادة عليه ، وضعفها ، وكثرة السماع عنه ، وصورة حاله من التهمة في الدين والنبز بالسفه والمجون ، فمن قوي أمره أذاقه من شديد النكال من التضييق في السجن ، والشد في القيود إلى الغاية التي هي منتهى طاقته بما لا يمنعه القيام لضرورته ، ولا .  [ ص: 35 ] 
يقعده عن صلاته ، وهو حكم كل من وجب عليه القتل ، لكن وقف عن قتله لمعنى أوجبه ، وتربص به لإشكال وعائق اقتضاه أمره ، وحالات الشدة في نكاله تختلف بحسب اختلاف حاله . 
وقد روى الوليد  عن  مالك   والأوزاعي  أنها ردة ، فإذا تاب نكل . 
ولمالك  في العتبية وكتاب محمد ،  من رواية أشهب :  إذا تاب المرتد فلا عقوبة عليه .  
وقاله  سحنون .  
وأفتى أبو عبد الله بن عتاب  فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم ، فشهد عليه شاهدان عدل أحدهما بالأدب الموجع والتنكيل والسجن الطويل حتى تظهر توبته . 
وقال القابسي  في مثل هذا : ومن كان أقصى أمره القتل فعاق عائق أشكل في القتل لم ينبغ أن يطلق من السجن ، ويستطال سجنه ، ولو كان فيه من المدة ما عسى أن يقيم ، ويحمل عليه من القيد ما يطيق . 
وقال في مثله ممن أشكل أمره : يشد في القيود شدا ، ويضيق عليه في السجن حتى ينظر فيما يجب عليه . 
وقال في مسألة أخرى مثلها : ولا تهراق الدماء إلا بالأمر الواضح ، وفي الأدب بالسوط والسجن نكال للسفهاء ، ويعاقب عقوبة شديدة ، فأما إن لم يشهد عليه سوى شاهدين ، وأثبت من عداوتهما أو جرحتهما ما أسقطهما عنه ، ولم يسمع ذلك من غيرها فأمره أخف لسقوط الحكم عنه ، وكأنه لم يشهد عليه ، إلا أن يكون مما لا يليق به ذلك ، ويكون الشاهدان من أهل التبريز فأسقطهما بعداوة ، فهو وإن لم ينفذ الحكم عليه بشهادتهما فلا يدفع الظن صدقهما ، وللحاكم هنا في تنكيله موضع اجتهاد . والله ولي الإرشاد] . 
				
						
						
