تنبيهان :
الأول : الرمد ورم حار يصعد من المعدة إلى الدماغ ، فإن اندفع إلى الخياشيم أحدث الزكام أو إلى العين أحدث الرمد أو إلى اللهاة والمنخرين أحدث الخناق بالخاء المعجمة والنون ، أو إلى الصدر أحدث النزلة ، أو إلى القلب أحدث الخبطة وإن لم ينحدر طلب نفاذا ، فلم يجد أحدث الصداع .
الكمأة : بفتح الكاف وسكون الميم وهمزة مفتوحة : نبات لا ورق له ولا ساق يوجد في الأرض من غير أن يزرع .
وقوله : «من المن» قيل : إنه من المن المنزل على بني إسرائيل .
قال ليس المراد أنها نوع من المن الذي أنزل الله تعالى على بني إسرائيل ، فإن الذي أنزل على بني إسرائيل كان كالترنجبين الذي يسقط على الشجر ، وإنما المعنى أن الكمأة شيء ينبت من غير تكلف ببذر ولا سقي ، وإنما اختصت الكمأة بهذه الفضيلة ، لأنها من الحلال المحض الذي ليس في اكتسابه شبهة . الخطابي :
قال في المراد بكونها شفاء للعين قولان : أحدهما : أنه ماؤها حقيقة إلا أن أصحاب هذا القول اتفقوا على أنه لا يستعمل صرفا في العين ، لكن اختلفوا كيف يصنع به على رأيين : ابن الجوزي :
أحدهما : أنه يخلط في الأدوية التي يكتحل بها حكاها أبو عبيد .
ثانيهما : أنه يشق ويوضع على الجمر حتى يغلي ماؤها ، ثم يؤخذ الميل فيجعل في [ ص: 183 ] ذلك الشق ، وهو فاتر فيكتحل بمائها ، لأن النار تلطفه وتذهب فضلاته الرديئة وتبقي النافع منه ، ولا يجعل الميل في مائها ، وهي باردة يابسة فلا ينجح .
وداء آخر تجعل الكمأة في قدر جديد ويصب عليها الماء ، ليس معها ملح ، ثم يؤخذ غطاء جديد بفم فيجعل على القدر فما جرى في الغطاء من بخار الكمأة فذلك الماء الذي يكتحل به .
وروى ابن واقد : أن إذا انحصر ورئي منه الإثمد كان من أصلح الأشياء للعين إذا اكتحل به يقوي أجفانها ويزيد الروح الباصرة قوة وحدة ويدفع عنها نزول النوازل . ماء الكمأة
وروي أيضا : «إذا اكتحل بماء الكمأة وحده» وقيل : إذا كان لبرودة بماء العين من حرارة فماؤها مجرد شفاء وإلا فبالتركيب ، وقيل : هو شفاء مطلقا .