الباب الرابع والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في لدغ الهوام  
روى  الطبراني   وأبو نعيم  بسند حسن عن  علي-  رضي الله تعالى عنه- قال : لدغت النبي- صلى الله عليه وسلم- عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : «لعنك الله لا تدعين نبيا ولا غيره» ثم دعا بماء وملح فجعل يمر بها عليها ويقرأ المعوذتين ، وقل يا أيها الكافرون . 
وروى  الطبراني  في الكبير عن  ابن مسعود   - رضي الله تعالى عنه- قال : ذكر عند النبي- صلى الله عليه وسلم- رقية من الحمة فقال : اعرضوها علي ، فعرضوها عليه ، بسم الله قرنية شجنة ملحة بحر قفطا فقال : «هذه مواثيق أخذها سليمان بن داود  على الهوام ، لا أرى بها بأسا» قال : فلدغ رجل وهو مع علقمة ،  فرقاه بها ، فكأنما نشط من عقال . 
وروى  الطبراني  في الكبير بسند حسن عن  عبد الله بن زيد-  رضي الله تعالى عنه- قال : عرضنا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رقية من الحمة فأذن لنا فيها وقال : «إنما هي مواثيق ، والرقية بسم الله شجنة قرنية ملحة قفطا» . 
وروى  الطبراني  في الكبير بسند لين فيه من تكلم فيه عن سهل بن أبي حثمة-  رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج وخرج معه عبد الرحمن بن سهل  فلما كانا بالحرة نهشت عبد الرحمن بن سهل  حية ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «ادعوا عمرو بن حثمة» ،  فدعي فعرض رقيته على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «لا بأس بها ارقه» فوضع ابن حثمة  يده عليه فقال : يا رسول الله قد يموت ، أو قد مات فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «ارقه» وإن كان قد مات فرقاه ، فصح عبد الرحمن  وانطلق .  [ ص: 206 ] 
وروى  الطبراني  في الكبير برجال الصحيح خلا قيس بن الربيع بن جابر-  رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل من الأنصار فقال له عمرو بن حثمة وكان يرقي من الحية فقال : يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى ، وأنا أرقي من الحية ، فقال : «قصها علي» فقصصتها عليه فقال : «لا بأس بهذه هذه المواثيق» ، قال : وجاءه رجل من الأنصار ، وكان يرقي من العقرب فقال : «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل» . 
وروى  ابن أبي شيبة  في مسنده ، عن  عبد الله بن مسعود-  رضي الله تعالى عنه- قال : بينما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في أصبعه فانصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العقرب ، ما تدع نبيا ولا غيره» ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح ويقرأ قل هو الله أحد  والمعوذتين حتى سكنت ، وهذا طب مركب من الطبيعي والإلهي ، فإن سورة الإخلاص قد جمعت الأقوال الثلاثة التي هي جامع التوحيد ، وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ، وأما الماء والملح فهو الطب الطبيعي ، فإن في الملح نفعا لكثير من السموم ، ولا سيما لدغة العقرب ، وفيه من القوة الجاذبة المحللة ما يجذب السموم ويحللها ، ولما كان في لسعتها قوة نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج استعمل- صلى الله عليه وسلم- الماء والملح . 
				
						
						
