الباب الثاني في نعي الله تعالى إلى رسوله- صلى الله عليه وسلم- نفسه الشريفة
قال الله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر 30] . وقال عز وجل : وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ؟ [الأنبياء 34] وقال تعالى تقدس اسمه كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون [الأنبياء 35] .
وقال سبحانه وتعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين [آل عمران 144] .
وقال تبارك وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا [النصر 1- 3] .
وروى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبزار وأبو يعلى وابن مردويه في الدلائل عن والبيهقي رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمر- إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا [النصر 1- 3] حتى ختمها فعرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه الوداع فخطب الناس خطبة أمرهم فيها ونهاهم . نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أوسط أيام التشريق بمنى وهو في حجة الوداع
وروى الإمام أحمد والبلاذري وابن جرير عن وابن مردويه قال : ابن عباس إذا جاء نصر الله والفتح [النصر 1] قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «نعيت إلي نفسي وقرب أجلي» . لما نزلت
وروى النسائي في زوائد الزهد وعبد الله ابن الإمام أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عنه قال : وابن مردويه إذا جاء نصر الله والفتح نعيت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نفسه حتى أنزلت فأخذني أشد ما يكون اجتهادا في أمر الآخرة . لما نزلت
وروى الطبراني وابن مردويه عن وأبو نعيم الفضيل بن عياض قال : إذا جاء نصر الله والفتح [النصر 1] إلى آخر السورة قال محمد- صلى الله عليه وسلم- : «يا جبريل نعيت إلي نفسي» قال جبريل : «الآخرة خير لك من الأولى» . [ ص: 230 ] لما نزلت
وروى ابن سعد عن رحمه الله تعالى- قال : لما نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الحسن البصري- إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخرها قال قرب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجله وأمر بكثرة التسبيح والاستغفار .
وروى والشيخان عبد الرزاق وابن سعد عن عائشة وابن جرير عن وابن مردويه أم سلمة وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن والحاكم - رضي الله تعالى عنهم- ابن مسعود : كان يكثر في آخر عمره من قول : «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم» ويقول ذلك في ركوعه وسجوده يتأول القرآن يعني لعائشة إذا جاء نصر الله والفتح [النصر 1] قالت عائشة : فقلت له : يا رسول الله إنك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليك ما لم تكن تفعله قبل اليوم ، فقال : «إن ربي كان أخبرني بعلامة في أمتي فقال إذا رأيتها فسبح بحمد ربك واستغفره فقد رأيتها إذا جاء نصر الله والفتح [النصر 1] إلى آخر السورة . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منذ نزلت عليه السورة كان لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال : وفي لفظ
وروى ابن أبي حاتم عن وابن مردويه رضي الله تعالى عنها- قالت : أم حبيبة- إذا جاء نصر الله والفتح قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «إن الله لم يبعث نبيا إلا عمر في أمته شطر ما عمر النبي الماضي قبله ، وإن عيسى ابن مريم كان عمره أربعين سنة في بني إسرائيل ، وهذه لي عشرون سنة وأنا ميت في هذه السنة فبكت فاطمة فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «وأنت أول أهل بيتي لحوقا بي» فتبسمت . لما نزلت
وروى الطبراني والحاكم والطحاوي بسند صحيح عن والبيهقي فاطمة الزهراء- رضي الله تعالى عنها- عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة سنة ، ولا أراني إلا ذاهبا على رأس الستين . يا بنية إنه ليس منا من نساء المسلمين امرأة أعظم ذرية منك فلا تكوني من أدنى امرأة صبرا ، إنك أول أهل بيتي لحوقا بي وإنك سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من البتول مريم بنت عمران» . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «إنه لم يكن نبي إلا عاش من بعده نصف عمر الذي كان قبله وإن
وروى إسحاق بن راهويه وابن سعد عن يحيى بن جعدة فاطمة إنه لم يبعث نبي إلا عمر نصف الذي كان قبله [وإن عيسى ابن مريم بعث رسولا لأربعين وإني بعثت لعشرين] . [ ص: 231 ] أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «يا
وروى في «تاريخه» عن البخاري رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : زيد بن أرقم- «ما بعث الله نبيا إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله» .
وروى ابن سعد عن يزيد بن زياد - رضي الله تعالى عنها- : «أن لعائشة جبريل كان يعرض علي القرآن في كل سنة مرة فقد عرض علي العام مرتين وأنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر أخيه الذي كان قبله عاش عيسى ابن مريم مائة وخمسا وعشرين سنة وهذه اثنتان وستون سنة ، ومات في نصف السنة» . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في السنة التي قبض فيها
وروى من طريق أبو يعلى الحسين بن علي بن الأسود وباقي رجاله ثقات عن يحيى بن جعدة قال : قالت فاطمة- رضوان الله تعالى عليها- : قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «إن عيسى ابن مريم مكث في بني إسرائيل أربعين سنة» .
تنبيه :
قال كذا في هذه الرواية . البيهقي
وقد روي عن أن ابن المسيب عيسى حين رفع كان ابن ثلاث وثلاثين سنة .
وعن اثنان وثلاثون سنة ، فإن صح قول وهب بن منبه : ابن المسيب وابن وهب فالمراد من الحديث والله تعالى أعلم : ما بقي في الأرض بعد نزوله من السماء والله تعالى أعلم .
قلت : لم يصح ما نقله عن سعيد ووهب وقد بسطت الكلام على ذلك في باب [ . . . ] فراجعه .
وقال الحافظ ابن حجر بعد إيراده في «المطالب العالية» : حديث يحيى بن جعدة معناه عمره في النبوة . [ ص: 232 ]