الباب الرابع فيما جاء أنه خير بين أن يبقى حتى يرى ما يفتح على أمته وبين التعجيل البقيع واستغفاره- صلى الله عليه وسلم- لأهل
روى ابن إسحاق والإمام أحمد وابن سعد عن والبيهقي أبي مويهبة والإمام أحمد وابن سعد عن والبيهقي أبي رافع موليا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهما- واللفظ لأبي مويهبة- قال : البقيع فصلى عليهم ثلاث مرات ، فلما كان في الثانية هبني من جوف الليل فقال : «يا أبا مويهبة إني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فأسرج لي دابتي» قال : فركب ومشيت حتى انتهى إليهم فنزل عن دابته ، وأمسكت الدابة ، فلما وقف بين أظهرهم قال : «السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس ، لو تعلمون ما نجاكم الله منه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا ، يتبع آخرهم أولها ، الآخرة شر من الأولى» ، ثم أقبل علي وقال : «يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ، ثم الجنة . فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة» قال : قلت بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة ، قال : «لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة» ، ثم استغفر لأهل البقيع ، ثم انصرف ، فبدأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في وجعه الذي قبضه الله عز وجل فيه حين أصبح . أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يصلى على أهل
وروى ابن سعد عن - رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة بريرة ، فتبعته حتى إذا جاء البقيع وقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيئا حتى أصبح ، ثم ذكرت له ذلك فقال «إني بعثت لأهل البقيع لأصلي عليهم» . قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج ، فأمرت خادمتي
وروى أيضا عنها قالت : بالبقيع فقال : [ ص: 234 ] «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم لنا فرط آتانا الله وآتاكم ما توعدون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم» قالت : ثم التفت إلي فقال : «ويحها لو تستطيع ما فعلت» . فقدت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الليل فتبعته فإذا هو
وروى والشيخان عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه- قال : أبي سعيد الخدري- فعجبنا لبكائه فكان المخير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان أبو بكر هو أعلمنا به فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «لا تبك يا أبو بكر إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، خليلا ولكن أخوة الإسلام ، لا يبقى باب في المسجد إلا سد إلا باب أبا بكر أبي بكر» . خطب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «إن عبدا خيره الله تعالى بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله» ، فبكى
وروى بسند جيد قوي عن عبد الرزاق طاووس مرسلا قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : وخيرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل فاخترت التعجيل» . «نصرت بالرعب وأعطيت الخزائن ،
وروي عن - رضي الله تعالى عنه- عقبة بن عامر أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع على المنبر فقال : «إني بين أيديكم فرط ، وأنا عليكم شهيد ! وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا ، لست أخشى عليكم أن تشركوا ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها» . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى على قتلى
قال عقبة : وكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
تنبيه :
«هب من نومه» هب بضم الهاء وأهببته أي استيقظته وأنبهته من نومه وأنتبه بمعناه .
القطع : بكسر القاف وسكون الطاء ظلمة آخر الليل . [ ص: 235 ]