تنبيهات 
الأول : استشكل حمل حديث «من نسي الصلاة» على ظاهره 
بما ورد «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» 
وبأن الناس لا لوم عليه؛ لأنه غير مكلف . 
وأجيب : يحمل الناس على التارك؛ كقوله تعالى : نسوا الله فنسيهم   [التوبة 67] . 
الثاني : يعني قوله «وإن دخلوا الجنة» أن ذلك في عرصات القيامة لما فاتهم من الثواب ، ولو كان مصيرهم إلى الجنة؛ لأن الحسرة تلزمهم قبل دخول الجنة . 
الثالث : قال الطيبي :  «الفاء» في قوله : «فلم يصل علي» استبعادية ،  والمعنى : بعد من الغافل ، بل من المؤمن أن يتمكن من أجر كلمات معدودات على لسانه ، فيفوز بعشر صلوات من الله تعالى ، ويرفع له عشر درجات ، ويحط عنه عشر سيئات ، ثم لم يغتنمه حتى يفوت عنه؛ فحقيق أن يحقره الله تعالى ويضرب عليه الذلة والمسكنة . 
وتعقبه بعضهم أن «الفاء» بمعنى «ثم»؛ إذ لا داعي إلى ذلك بل كونها للتعقيب أقعد بالمعنى في هذا المقام حتى يحصل منه التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره ، بل ينبغي أن تكون الصلاة عليه معقبة بذكره عنده حتى لو تراخى عن ذلك ذم عليه . 
الرابع : قوله : «فلم يدخلاه الجنة» أي فلم يبرهما فيكون سببا لدخول الجنة ، فهو إسناد مجازي؛ لأن دخول الجنة برحمة الله تعالى .  
الخامس : عرف البخيل بالألف واللام ليدل على أنه الكامل في البخل على ما يقتضيه تعريف المبتدأ . 
قال الفاكهاني :  وهذا أقبح بخل وأسوأ شح ، لم يبق بعده إلا بخل بكلمة الشهادة ، وهو يقوي القول بوجوب الصلاة عليه كما ذكر ، والله أعلم . انتهى . 
ولا شك أن إخباره- صلى الله عليه وسلم- برغم أنف من ذكر عنده فلم يصل عليه والإبخال عليه بالبخل والإبعاد والدعاء عليه والشقاء يقتضي الوعيد ، والوعيد على الترك من علامات الوجوب .  [ ص: 422 ] 
وهو قول  الطحاوي  وجماعة من الحنفية والحليمي  والشيخ أبي كامل الإسفراييني  وجماعة من الشافعية وابن بطة  من الحنابلة . 
وقال  ابن العربي  من المالكية : إنه الأحوط ، وهذا خارج الصلاة ، وهل هي فرض عين ، وعليه الأكثر ، أو كفاية ، وعليه  أبو الليث السمرقندي  من الحنفية في مقدمته . 
وقيل بوجوبها في كل مجلس مرة ، وإن تكرر ، حكاه  الزمخشري  وقيل : بوجوبها مرة في العمر ، وهو محكي عن الحنفية ، ونقل عن  مالك   والثوري   والأوزاعي   . 
وقال  القاضي عياض   وابن عبد البر   : إنه قول جمهور الأمة . 
وقال أبو عبد الله القرطبي   : لا خلاف في وجوبها في العمر مرة وأنها واجبة في كل حين وجوب السنن المؤكدة . 
وقال ابن عطية   : الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- في كل حال واجبة وجوب السنن المؤكدة  التي لا يسع تركها ولا يغفل عنها إلا من لا خير فيه . 
وقيل : واجبة في الجملة من غير حصر . 
وأقل ما يحصل به الإجزاء مرة ، وادعى بعض المالكية الإجماع عليه ، قال ابن القصار  منهم : المشهور عن أصحابنا أن ذلك واجب في الجملة على الإنسان وفرض عليه أن يأتي بها مرة في دهره مع القدرة على ذلك . 
وقيل : واجبة في التشهد الأخير . 
قال الإمام  الشافعي   : شرط في صحة الصلاة . 
وقيل : واجبة فيها من غير تعيين محل ، نقل ذلك عن أبي جعفر الباقر .  
وقيل : يجب الإكثار منها من غير تقييد ، قاله القاضي أبو بكر بن بكير  من المالكية . 
وقيل : فرض إسلامي جملي غير متقيد بعدد ، ولا وقت معين . قاله بعض المالكية ، ويجب الصلاة عليه بقدرها؛ لأنها من أفضل العبادات وأجل الطاعات . 
وقد قال- صلى الله عليه وسلم- : «من نذر أن يطيع الله فليطعه»  . 
واختلف هل يجب عليه- صلى الله عليه وسلم- أن يصلي على نفسه وهو مذهب  الشافعي  أو لا يجب ؟ وهو في بعض شروح الهداية للحنفية ، قال شارح المشكاة «أل» في البخيل للجنس ، فهو محمول على الكمال ، وأقصى غايته ، وقد جاء «البخيل ليس من بخل بماله ، ولكن البخيل من  [ ص: 423 ] بخل بمال غيره» وأبلغ منه أبغض الجواد حتى لا يحب أن يجازى عليه ، فمن لم يصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر عنده منع نفسه أن يكتال بالمكيال الأوفى ، فهل تجد أحدا أبخل من هذا ؟ انتهى . 
وعبر بالجملة الاسمية على أنها تكون على طريق التأكيد بأن ، ثم أردفه بتأكيد معنوي ، وهو قوله : «كل البخيل» ولا بخل فوق ذلك . 
				
						
						
