تنبيهات
الأول :
قوله- صلى الله عليه وسلم- «من صلى علي»
هذه شرطية ، والمشروط «صلى» ، وجزاء الشرط قوله عشرا .
قال الطيبي : الصلاة منا عليه معناها طلب التعظيم والتبجيل لجنابه الكريم ، والصلاة من الله تعالى على العبد إن كان بمعنى الغفران ، فيكون من الموافقة لفظا ومعنى ، وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران ، ومعنى الأعداد المخصوصة محمولة على المزيد والفضل المطلوب . انتهى .
وقال ابن القيم : هذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة أن الجزاء من جنس العمل ، جزاء لصلاته هو عليه ، فمن أثنى على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جزاه الله من جنس عمله بأن يثني عليه ويزيد في تشريفه وتكريمه . فصلاة الله تعالى على المصلي على رسوله- صلى الله عليه وسلم-
وقال معنى- صلى الله عليه- رحمه وضعف أجره كقوله تعالى : القاضي عياض : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام 160] قال : وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهره . [ ص: 431 ]
كلاما تسمعه الملائكة تشريفا للمصلي وتكريما كما جاء «وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .
الثاني : قال : قد قال الله تعالى : القاضي أبو بكر بن العربي من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام 160] ومعلوم أن فما فائدته ؟ الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- حسنة ، فللمصلي عليه عشر أمثالها ،
أجيب بأن فيه أعظم فائدة ، وذلك أن القرآن اقتضى أن من جاء بالحسنة تضاعف له عشرا ، والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- حسنة؛ فاقتضى القرآن أن يعطى عشر درجات في الجنة ، واقتضى الحديث الإخبار أنه تعالى يصلي على من صلى على نبيه- صلى الله عليه وسلم- عشرا ، وذكر الله العبد أعظم مضاعفة .
وتحقيق ذلك أن الله تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره ، كذلك جعل جزاء ذكر نبيه- صلى الله عليه وسلم- ذكره لمن ذكر . انتهى .
أي بأن قائل صلاة العبد عليه يصلي عليه سبحانه عشرا ، وكذلك إذا سلم يسلم عليه عشرا فله الحمد والفضل .
قال الفاكهاني : وهذه نكتة حسنة أجاد فيها وأفاد . انتهى .
قال العراقي : بل لم يقتصر سبحانه وتعالى في الصلاة على نبيه بأن يصلي عليه بالواحدة عشرا بل زاده على ذلك رفع عشر درجات ، وحط عنه عشر سيئات كما تقدم في حديث أنس .
الثالث : قوله : «فليقل عبد من ذلك أو ليكثر» فيه التخيير بعد الإعلام بما فيه من الخيرة في المخير فيه ، فهو تحذير من التفريط في تحصيله فهو قريب من معنى التهديد .
الرابع : قوله : «أما يرضيك» قال (شارح ) المشكاة : هذا بعض ما أعطي في الرضا في قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى [الضحى] وهذه البشارة في الحقيقة راجعة إلى الأمة؛ ومن ثم ظهر تمكن البشرى في أسارير وجهه- صلى الله عليه وسلم- تمكنا عاما حيث جعل وجهه الشريف ظرفا ومكانا للبشر والطلاقة ، وهذا رمز إلى نوع من الشفاعة ، فإذا كانت الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- توجب هذه الكرامة من الله سبحانه وتعالى فما ظنك بقيامه وتشميره للشفاعة الكبرى ، رزقنا الله ذلك أجمعين .
الخامس : قوله- صلى الله عليه وسلم- : «إن أولى الناس بي» أي أقربهم مني منزلة .
قال : في هذا الخبر بيان صحيح على أن ابن حبان يكون أصحاب الحديث إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم . أولى الناس برسول الله- صلى الله عليه وسلم- في [ ص: 432 ] القيامة
وقال : هذه منقبة عظيمة يختص بها أصحاب رواة الآثار ونقلتها؛ لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أكثر مما يعرف لهذه العصابة نسخا وذكرا . أبو نعيم
وقال غيره : فيه بشارة عظيمة لأصحاب الحديث؛ لأنهم يصلون على النبي- صلى الله عليه وسلم- قولا وفعلا ليلا ونهارا عند القراءة والكتابة ، فهم أكثر الناس صلاة ، لذلك اختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فرق العلماء؛ فلله الحمد على ما أحسن وتفضل .
السادس : إنما كان في مقابلة العتق من النار ، ودخول الجنة ، والسلام عليه في مقابلة سلام الله- عز وجل- وسلام من الله أفضل من مائة ألف ألف حسنة . السلام عليه- صلى الله عليه وسلم- أفضل من عتق الرقاب
السابع : في بيان غريب ما سبق :
«أبلاني» - بهمزة مفتوحة فموحدة ساكنة فلام فألف فنون- أنعم علي والإبلاء الإنعام .
«الشربة» بشين معجمة وراء موحدة [وباء] مشددة مفتوحات قال في القاموس : الأرض المعشبة لا شجر بها .
وقال في مؤلفه الفرد في الصلاة : هي مجتمع النخيل وفي الصحيح : أنها حوض يكون في أصل النخلة وحولها يملأ ماء لتشربه . [ ص: 433 ]