[ ص: 19 ] الحادي عشر : باركنا حوله : معنى قوله :
رحمه الله : «البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء ، والمبارك ما فيه ذلك الخير» . الراغب
المصباح : «البركة الزيادة والنماء ، وبارك الله تعالى فيه فهو مبارك ، والأصل مبارك فيه» .
الأنموذج : فإن قيل : كيف قال : باركنا حوله ، ولم يقل باركنا عليه أو فيه ، مع أن البركة في المسجد تكون أكثر من خارج المسجد وحوله ، خصوصا المسجد الأقصى؟ قلنا أراد البركة الدنيوية كالأنهار الجارية والأشجار المثمرة ، وذلك حوله لا فيه . وقيل أراد البركة الدينية فإنه مقر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ومتعبدهم ومهبط الوحي والملائكة . وإنما قال : باركنا حوله ، لتكون بركته أعم وأشمل ، فإنه أراد بما حوله ما أحاط به من أرض الشام وما قاربه منها ، وذلك أوسع من مقدار بيت المقدس ، ولأنه إذا كان هو الأصل ، وقد بارك في لواحقه وتوابعه من البقاع كان هو مباركا فيه بالطريق الأولى بخلاف العكس . وقيل أراد بالبركة : الدينية والدنيوية ووجههما ما مر .
وقيل المراد : باركنا ما حوله من بركة نشأت منه ، فعمت جميع الأرض ، لأن مياه الأرض كلها أصل انفجارها من تحت صخرة بيت المقدس » . انتهى .
الكفيل : «فإن قيل إذا كانت البركة حول المسجد الأقصى فماذا يتميز عليه المسجد الحرام؟ قلت : البركة حول المسجد الأقصى باعتبار الدنيا ورفاهيتها وخصبها ، والبركة حول المسجد الحرام باعتبار الدين والفضل وتضعيف الحسنات فيه للطائفين والعاكفين والمتوطنين والوافدين ، لأن الأجر يكون على قدر النصب ، وهو واد غير ذي زرع ، نزهه الله عن خصب الدنيا وسعتها ، لئلا يكون القصد إليه ممزوجا بقصد الدنيا ، فهذه البركة الدينية أفضل من تلك البركة الدنيوية» . انتهى .
«وحوله» منصوب على الظرف أي أوقعنا البركة حوله ، وقيل تقديره : باركنا ما حوله .
أبو عبيد الهروي رحمه الله تعالى : «رأيت الناس حوله وحواليه وحواله ويجمع أحوالا» .
حول الشيء جانبه الذي يمكن أن يتحول إليه والضمير راجع إلى الراغب : المسجد الأقصى » .