[النجم : 12] . [ ص: 47 ]
ابن القيم : «أنكر عليهم سبحانه وتعالى مكابرتهم وجحدهم له على ما رآه مما ينكر على الجاهل مكابرته لعالم ، ومماراته له على ما علمه» .
اللباب : «قرأ الأخوان : «أفتمرونه» بفتح التاء وسكون الميم ، والباقون «تمارونه» ، وعبد الله بن مسعود : «أفتمرونه» بضم التاء وسكون الميم . فأما الأولى ففيها وجهان : أحدهما : أنه من مريته حقه إذا غلبته عليه وجحدته إياه ، وعدي بعلى لتضمنه معنى الغلبة ، وأنشدوا : والشعبي
لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا
لأنه إذا جحده حقه فقد غلبه عليه . قال يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه . قال ومثل «على» بمعنى «عن» قول المبرد : بني كعب بن ربيعة رضي الله عليك أي رضي عنك» .ابن القيم : «على بابها ليست بمعنى «عن» كما قاله بل الفعل متضمن معنى المكابرة ، وهذا في قراءة الألف أظهر . المبرد ،
الثاني : أنه من مراه كذا على كذا أي غلبه فهو من المراء وهو الجدال» . وأما الثانية : فهي من ماراه يماريه ، جادله واشتقاقه من مرى الناقة ، لأن كل واحد من المتجادلين يمري ما عند صاحبه . وكان من حقه أن يتعدى بفي كقولك : جادله في كذا . وإنما ضمن الغلبة فعدي تعديتها . وأما قراءة عبد الله فمن «ماراه» رباعيا ، والمعنى : «أفتجادلونه» ، أي كيف تجادلونه على ما يرى مع أنه رأى ما رأى عين اليقين؟ ولا شك بعد الرؤية .
: «والمعنيان متداخلان لأن مجادلتهم جحود ، وقيل : إن الجحود كان دائما منهم وهذا جدال جديد» . القرطبي
ابن القيم : «القوم جمعوا بين الجدال والدفع في الإنكار ، فكان جدالهم جدال جحود ودفع لا جدال استرشاد وتبيين للحق . وإثبات الألف يدل على المجادلة ، والإتيان بعلى يدل على المكابرة ، فكانت قراءة الألف متضمنة للمعنيين جميعا ، وذلك أنهم جادلوا حين أسري به ، فقالوا صف لنا بيت المقدس ، وأخبرنا عن عيرنا في الطريق ، وغير ذلك مما جادلوه به .
والمعنى : أفتجادلونه جدالا ترمون به دفعه عما رآه وعلمه وتيقنه؟ فإن قيل : هلا قيل : أفتمارونه على ما رأى؟ بصيغة الماضي ، لأنهم إنما جادلوه حين أسري به كما تقدم ، وما الحكمة في إبرازه بصيغة المضارع؟ فالجواب أن التقدير : أفتمارونه على ما يرى؟ فكيف وهو قد رآه في المساء ، فماذا تقولون فيه» ؟ .