الثاني والعشرون : في الكلام على قوله تعالى : وما طغى    : [النجم : 17] . 
اللباب تبعا للإمام الرازي :  «فيه وجهان : أحدهما أنه عطف جملة مستقلة على جملة  [ ص: 53 ] 
أخرى . الثاني : أنه عطف جملة مقدرة على جملة . فمثال المستقلة : خرج زيد ودخل عمرو ، ومثال المقدرة : خرج زيد ودخل ، الوجهان جائزان هنا . أما الأول فكأنه تعالى قال عند ظهور النور : ما زاغ بصر محمد  وما طغى محمد  بسبب الالتفات ، ولو التفت لكان طاغيا . وأما الثاني فظاهر . فإن قيل بأن الغاشي للسدرة جراد ، فالمعنى لم يلتفت إليه وما طغى ، أي ما التفت إلى غير الله تعالى ، ولم يلتفت إلى الجراد ولا إلى غير الجراد ، بل إلى الله سبحانه وتعالى . أما على قول من قال غشيها نور ، فقوله تعالى : ما زاغ  » أي ما مال عن الأنوار . وما طغى ، أي ما طلب شيئا وراءه . وفيه لطيفة وهي أن الله تعالى قال : ما زاغ وما طغى ولم يقل ما مال وما جاوز ، لأن الميل في ذلك الموضع والتجاوز مذمومان ، فاستعمل الزيغ والطغيان فيه . 
وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون ذلك بيانا لوصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى شدة اليقين الذي لا يقين فوقه ، ووجه ذلك أن بصره صلى الله عليه وسلم ما زاغ أي ما مال عن الطريق ، فلم ير الشيء على خلاف ما هو عليه بخلاف من ينظر إلى عين الشمس مثلا ، ثم ينظر إلى شيء أبيض فإنه يراه أصفر وأخضر ، يزيغ بصره عن جادة الإبصار . وقوله : وما طغى  أي ما تخيل المعدوم موجودا ، وقيل : «وما طغى» أي ما تخيل المعدوم موجودا وقيل : «وما طغى» أي ما جاوز ما أمر به» . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					