تنبيهات 
الأول : قال الحافظ ابن كثير  وابن حجر  وغيرهما : جاءت عن  ابن عباس  أخبار مطلقة  [ ص: 63 ] كما تقدم وأخبار مقيدة ، فيجب حمل مطلقها على مقيدها . فمن المقيدة ما رواه  مسلم  عن أبي العالية  في قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى   [النجم : 11] ، ولقد رآه نزلة أخرى   [النجم : 13] ، قال : «رآه بفؤاده مرتين» . وروى أيضا عن طريق  عطاء  عنه قال : «رآه بقلبه» . وروى  ابن مردويه  من طريق  عطاء  عنه أيضا في الآية قال : «لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه إنما رآه بقلبه» . وروى  النسائي   وابن خزيمة  عن  أبي ذر  في الآية قال : «رآه بقلبه ولم يره بعينه» . 
وروى  ابن جرير   وابن أبي حاتم  من طريق موسى بن عبيد  عن  محمد بن كعب القرظي   -بالظاء المعجمة المشالة وبالتحتية- 
قال  ابن جرير  عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قلنا : يا رسول الله ، هل رأيت ربك؟ قال : لم أره بعيني ، رأيته بفؤادي مرتين» 
ثم تلا ثم دنا فتدلى   [النجم : 8] وموسى  ضعيف . 
الثاني : قال الحافظ :  المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب ، لا مجرد حصول العلم لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله تعالى على الدوام . بل مراد من أنه أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية  التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره ، زاد صاحب السراج : «بخلاف غيره من الأولياء ، فإنهم إذا أطلقوا الرؤية والمشاهدة لأنفسهم ، فإنهم إنما يريدون «المعرفة» فاعلمه ، فإنه من الأمور المهمة التي يغلط فيها كثير من الناس» . انتهى . والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا ولو جرت العادة بخلقها في العين . قال الواحدي :  «وعلى القول بأنه رآه بقلبه جعل الله تعالى بصره في فؤاده ، أو خلق لفؤاده بصرا حتى رأى ربه رؤية صحيحة كما يرى بالعين» . 
الثالث : على هذه الآثار المقيدة عن  ابن عباس  يمكن الجمع بين إثبات  ابن عباس  ونفي  عائشة  ، بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباتها على رؤية القلب . 
الرابع : 
قال ابن كثير   : [فأما الحديث الذي رواه  الإمام أحمد   : حدثنا أسود بن عامر  حدثنا  حماد بن سلمة  عن  قتادة  عن عكرمة  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت ربي عز وجل ، 
فإنه حديث إسناده صحيح . على شرط الصحيح لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه  الإمام أحمد  عن  ابن عباس   . 
الخامس : قال ابن كثير   : من روى عن  ابن عباس  أنه رآه ببصره فقد أغرب فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة . وقول  البغوي :  وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه ، وهو قول  أنس  والحسن  وعكرمة  فيه نظر . قلت : سبق  البغوي  إلى ذلك الإمام أبو الحسن الواحدي  وقول ابن كثير :  إنه لم يصح في ذلك شيء عن الصحابة فليس بجيد ، قال : فقد روى  الطبراني  بسند صحيح عن  ابن عباس  إنه كان يقول : نظر محمد  إلى ربه مرتين : مرة ببصره ومرة بفؤاده .  [ ص: 64 ] 
				
						
						
