تنبيه: في الأحاديث السابقة أن الله تعالى حرم مكة . ولا يخالف ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم وغيرهم، عن والنسائي - رضي الله تعالى عنهما - جابر بن عبد الله إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن
لأن المعنى: أن إبراهيم حرم مكة بأمر الله تعالى لا باجتهاده، أو أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة . أو المعنى: أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند الله حراما، وأول من أظهره بعد الطوفان.
وقال معنى الأحاديث السابقة: أن القرطبي مكة ابتداء من غير سبب ينسب لأحد. ولا لأحد فيه مدخل، ولأجل هذا أكد هذا المعنى بقوله: "ولم يحرمها الناس". الله تعالى حرم
والمراد بقوله: ولم يحرمها الناس أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه. أو المراد: أنها من محرمات الله تعالى فيجب امتثال ذلك، وليس ذلك من محرمات الناس، يعني في الجاهلية كما حرموا أشياء من عند أنفسهم، فلا يسوغ الاجتهاد في تركه. وقيل معناه: أن حرمتها مستمرة من أول الخلق وليس مما اختصت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 208 ]