التنبيه التاسع والثلاثون : 
في قول آدم :  «مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح»  ، ثناء جميل جليل للنبي صلى الله عليه وسلم ، ووصفه بالصلاح مكررا مع النبوة ، أي صالح مع النبيين جميعا ، وفيه تنويه بفضيلة الصلاح وعلو درجته ، ولهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم . قال بعضهم : وصلاح الأنبياء صلاح خاص لا يتناول عموم الصالحين . واحتج على ذلك بأنه قد تمنى كثير من الأنبياء أن يلحق بالصالحين ، ولا يتمنى الأعلى أن يلحق بالأدنى ، ولا خلاف في أن النبوة أعلى من  [ ص: 123 ] 
صلاح الصالحين من الأمم . وبهذا تحقق أن الصلاح المضاف إلى الأنبياء غير الصلاح المضاف إلى الأمم ، فصلاح الأنبياء صلاح كامل لأنه يزول بهم كل فساد ، فلهم كل صلاح ومن دونهم الأمثل فالأمثل ، فكل واحد يستحق اسم الصلاح على قدر ما زال به أو منه من الفساد ، واقتصر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم على وصفه صلى الله عليه وسلم بالصلاح وتواردوا على ذلك لأن الصلاح يشمل خصال الخير ، ولذلك كررها كل منهم عند وصفه . 
والصالح هو الذي يقوم بما يلزمه من حقوق الله تعالى وحقوق العباد ، فمن ثم كانت كلمة جامعة مانعة شاملة لسائر الخصال المحمودة ، ولم يقل له أحد : مرحبا بالنبي الصادق ولا بالنبي الأمين لما ذكرنا من أن الصلاح شامل لسائر أنواع الخير . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					