التنبيه الحادي والأربعون :
فإن قيل : هذه إن كانت عبارة عن حالهم في الآخرة ، فآل فرعون قد أدخلوا أشد العذاب وإنما يعرضون على النار غدوا وعشيا في البرزخ ، وإن كانت الحال التي رآهم عليها فأي بطون لهم وقد صاروا عظاما ورفاتا ومزقوا كل ممزق؟ فالجواب أنه إنما رآهم في البرزخ ، وهذه الحال هي حال أرواحهم بعد الموت . وفيها تصحيح لمن قال : الأرواح أجساد لطيفة قابلة للنعيم والعذاب ، فخلق الله تعالى في تلك الأرواح من الآلام ما يجده من انتفخ بطنه حتى وطئ بالأقدام ولا يستطيع معه قياما . وليس في هذا دليل على أنهم أشد عذابا من آل فرعون ، ولكن فيه دليل على أنه يطؤهم آل فرعون وغيرهم من الكفار الذين لم يأكلوا الربا ، ما داموا في البرزخ إلى أن يقوموا يوم القيامة كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، ثم ينادي منادي الله تعالى الأحوال التي ذكرها عن أكلة الربا ، أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر : 46] . وكذلك ما رأى من النساء المعلقات [ ص: 124 ]
بثديهن يجوز أن يكون رأى أرواحهن وقد خلق من الآلام ما يجده من هذه حاله ، ويحتمل أيضا أن يكون مثلت له حالهن في الآخرة .