نقل أبو الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما الإجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة حتى على الكعبة ، كما قاله أبو اليمن بن عساكر في تحفته ، وجزم بذلك أبو محمد عبد الله بن أبي عمر البسكري - بموحدة مكسورة وقيل بفتحها ، وسين مهملة ساكنة فكاف مفتوحة وكسرها فراء ، - رحمه الله .
جزم الجميع بأن خير الأرض ما قد حاط ذات المصطفى وحواها ونعم لقد صدقوا بساكنها علت
كالنفس حين زكت زكا مأواها
ولا شك أن القبر أشرف موضع من الأرض والسبع السماوات طرة
وأشرف من عرش المليك وليس في مقالي خلاف عند أهل الحقيقة
ويدل لما ذكر من أن النفس تخلق من تربة الدفن ما رواه وصححه عن الحاكم رضي الله عنه قال : أبي سعيد
مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر ، فقال : "قبر من هذا" ؟ فقالوا : قبر فلان الحبشي يا رسول الله . فقال : "لا إله إلا الله ، سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي منها خلق" .
وتقدم في أول باب من هذا الكتاب أثر كعب : "إن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من القبضة التي أخذت من قبره الشريف" . وروى يزيد الجريري قال : سمعت يقول : "لو حلفت لحلفت صادقا بارا غير شاك ولا مستثن أن الله تعالى ما خلق نبيه صلى الله عليه وسلم ولا ابن سيرين ولا أبا بكر إلا من طينة واحدة ، ثم ردهم إلى تلك الطينة" . عمر
وروى الإمام أحمد وحسنه ، والترمذي والطبراني عن والحاكم مطر بن عكامس- بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وكسر الميم فسين مهملة- وصححه عن والترمذي أبي عزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة"
قال "إنما صار أجله هناك لأنه خلق من تلك البقعة ، وقد قال الله تعالى : الحكيم الترمذي : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى [طه 55] قال : فإنما يعاد المرء من حيث بدئ منه" .
وروى في "الوفا" عن ابن الجوزي رضي الله عنها أنها قالت : عائشة "لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه" فقال رضي الله عنه : "أنه ليس في الأرض بقعة أكرم على الله من بقعة قبض فيها نفس نبيه صلى الله عليه وسلم" علي .
وروى عن أبو يعلى رضي الله عنه أنه قال : "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبي بكر "لا يقبض النبي إلا في أحب الأمكنة إليه" .
قال السيد : "وأحبها إليه أحبها إلى ربه؛ لأن حبه تابع لحب ربه . وما كان أحب إلى الله ورسوله كيف لا يكون أفضل؟ قال : ولهذا سلكت هذا المسلك في تفضيل المدينة ، فقد صح [ ص: 317 ] قوله صلى الله عليه وسلم : أي "بل أشد" أو "وأشد" ، كما روي به . وأجيبت دعوته حتى كان يحرك دابته إذا رآها من حبها" . "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ،