تنبيهات
الأول : قال في "الروض" :
قوله صلى الله عليه وسلم :
"أحبوا الله من كل قلوبكم" ،
يريد أن
nindex.php?page=treesubj&link=28683تستغرق محبة الله تعالى جميع أجزاء القلب ، فيكون ذكره وعمله خارجا من قلبه خالصا لله . وتقدم الكلام على محبته لعبده ، ومحبة العبد لربه في اسمه صلى الله عليه وسلم : "حبيب الله" .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
"ولا تملوا كلام الله وذكره . فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي"
قال
السهيلي : الهاء في قوله : (فإنه ) لا يجوز أن تكون عائدة على كلام الله تعالى ، ولكنها
[ ص: 333 ] ضمير الأمر والحديث ، فكأنه قال : إن الحديث من كل ما يخلق الله يختار ، فالأعمال إذا كلها من خلق الله ، قد اختار منها ما شاء ، قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=68وربك يخلق ما يشاء ويختار
وقوله : "قد سماه الله خيرته من الأعمال" ، يعني الذكر وتلاوة القرآن [لقوله سبحانه :
"ويختار" فقد اختاره من الأعمال] . وقوله : "والمصطفى من عباده" : أي سمى المصطفى من عباده بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=75الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس [الحج 75] ويجوز أن يكون معناه : المصطفى من عباده ، أي العمل الذي اصطفاه منهم واختاره من أعمالهم ، فلا تكون "من" على هذا للتبعيض ، إنما تكون لابتداء الغاية ، لأنه عمل استخرجه منهم لتوفيقه إياهم ، والتأويل الأول أقرب مأخذا . والله أعلم بما أراد رسوله" .
وقوله في أول الخطبة :
"إن الحمد لله أحمده" ، هكذا برفع الدال [من قوله : الحمد لله] وجدته مقيدا مصححا عليه ، وإعرابه ليس على الحكاية ، ولكن على إضمار الأمر ، كأنه قال : "إن الأمر الذي أذكره" ، حذف الهاء العائدة على الأمر كي لا يقدم شيئا في اللفظ من الأسماء على قوله : "الحمد لله" . وليس تقديم "إن" في اللفظ من باب تقديم الأسماء لأنها حرف مؤكد لما بعده ، مع ما في اللفظ من التحري للفظ القرآن والتيمن به ، والله أعلم .
الثاني : اختلف في تسمية اليوم بذلك ، مع أنه كان اتفاقا يسمى في الجاهلية :
"العروبة" - بفتح المهملة وضم الراء وبالموحدة- قلت : قال
أبو جعفر النحاس في كتابه :
"صناعة الكتابة" : لا يعرفه أهل اللغة إلا بالألف واللام إلا شاذا ، ومعناه : اليوم المبين المعظم ، من أعرب : إذا بين . فقيل : سمي بذلك لأن الخلائق جمعت فيه ، ذكره
أبو حذيفة البخاري في "المبتدأ" عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وإسناده ضعيف . وقيل : لأن خلق آدم جمع فيه .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=703448 "أتدري ما يوم الجمعة؟" قلت : الله ورسوله أعلم . قالها ثلاث مرات . قال في الثالثة : "هو اليوم الذي جمع فيه أبوكم آدم" .
الحديث ، وله شاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم بإسناد قوي ، والإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد مرفوعا بإسناد ضعيف . قال الحافظ : "وهذا أصح . ويليه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين بسند صحيح إليه ، في قصة تجميع الأنصار ، مع
nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة . وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة ، صلى بهم فيه وذكرهم ، فسموه يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه" . وقيل : "سمي بذلك لاجتماع الناس للصلاة فيه" . وبهذا جزم
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فقال : إنه اسم إسلامي لم يكن في الجاهلية ، وإنما كان يسمى العروبة . وفيه نظر ، فقد قال أهل اللغة : إن العروبة اسم قديم كان للجاهلية ، وقالوا : الجمعة هو يوم العروبة . والظاهر أنهم غيروا الأيام السبعة بعد أن كانت : أول وأهون وجبار ودبار ومؤنس وعروبة وشيار .
[ ص: 334 ]
وقال
الجوهري : وكانت العرب تسمي يوم الاثنين "أهون" في أسمائهم القديمة . فهذا يشعر بأن لها أسماء ، وهي هذه المتعارفة إلى آخرها الآن . وقيل : إن أول من سمى العروبة "الجمعة"
كعب بن لؤي ، فيحتاج من قال إنهم غيروها إلى الجمعة ، فأبقوها على تسمية العروبة إلى نقل خاص .
الثالث : تقدم أن صلاة الجمعة صلتها الصحابة
بالمدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة ، فقيل : ذلك بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم ، لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجمعة قبل أن يهاجر ، ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بمكة ولا [يبدي] لهم ،
فكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73382 "أما بعد ، فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم ، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله تعالى بركعتين" .
قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31706فأول من جمع nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير ، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة ، فجمع عند الزوال من الظهر ، وأظهر ذلك . وفي سنده
أحمد بن محمد بن غالب الباهلي ، وهو متهم بالوضع . قال في "الزهر" : "والمعروف في هذا المتن الإرسال ، رويناه في كتاب "الأوائل"
لأبي عروبة الحراني" قال : "حدثنا
هاشم بن القاسم ، حدثنا
ابن وهب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
سليمان بن موسى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب به" . وقيل باجتهاد الصحابة ، روى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بإسناد صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : جمع
أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبل أن تنزل الجمعة ، فقالت الأنصار : إن لليهود يوما يجمعون فيه كل سبعة أيام ، وللنصارى مثل ذلك ، فهلموا فلنجعل يوما نجمع فيه فنذكر الله ونصلي ونشكر . فجعلوه يوم العروبة ، واجتمعوا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة ، فصلى بهم يومئذ ، وأنزل الله تعالى بعد ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [الجمعة 9] قال الحافظ : وهذا وإن كان مرسلا ، فله شاهد بإسناد حسن ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وغير واحد ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73381 "كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة" ، الحديث ، وقد تقدم ، فمرسل
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة باجتهاد ، ولا يمنع ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي وهو
بمكة ، فلم يتمكن من إقامتها كما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والمرسل بعده ، ولذلك جمع بهم أول ما قدم
المدينة كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره ، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بخبر نبي البيان والتوفيق . وقيل : الحكمة في اختيارهم الجمعة وقوع خلق
آدم فيه ، والإنسان إنما خلق للعبادة ، فناسب أن يشتغل بالعبادة فيه ، وكان الله تعالى أكمل فيه الموجودات وأوجد فيه الإنسان الذي ينتفع بها ، فناسب
nindex.php?page=treesubj&link=20698أن يشكر الله على ذلك بالعبادة فيه ، ولهذا تتمة تأتي في الخصائص إن شاء الله تعالى .
[ ص: 335 ]
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ : قَالَ فِي "الرَّوْضِ" :
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"أَحِبُّوا اللَّهَ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ" ،
يُرِيدُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28683تَسْتَغْرِقَ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْقَلْبِ ، فَيَكُونَ ذِكْرُهُ وَعَمَلُهُ خَارِجًا مِنْ قَلْبِهِ خَالِصًا لِلَّهِ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ ، وَمَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ فِي اسْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "حَبِيبِ اللَّهِ" .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"وَلَا تَمَلُّوا كَلَامَ اللَّهِ وَذِكْرَهُ . فَإِنَّهُ مِنْ كُلِّ مَا يَخْلُقُ اللَّهُ يَخْتَارُ وَيَصْطَفِي"
قَالَ
السُّهَيْلِيُّ : الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ : (فَإِنَّهُ ) لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَائِدَةً عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَكِنَّهَا
[ ص: 333 ] ضَمِيرُ الْأَمْرِ وَالْحَدِيثِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الْحَدِيثَ مِنْ كُلِّ مَا يَخْلُقُ اللَّهُ يَخْتَارُ ، فَالْأَعْمَالُ إِذًا كُلُّهَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، قَدِ اخْتَارَ مِنْهَا مَا شَاءَ ، قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=68وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ
وَقَوْلُهُ : "قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ خِيرَتَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ" ، يَعْنِي الذِّكْرَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ [لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
"وَيَخْتَارُ" فَقَدِ اخْتَارَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ] . وَقَوْلُهُ : "وَالْمُصْطَفَى مِنْ عِبَادِهِ" : أَيْ سَمَّى الْمُصْطَفَى مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=75اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ [الْحَجِّ 75] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : الْمُصْطَفَى مِنْ عِبَادِهِ ، أَيِ الْعَمَلُ الَّذِي اصْطَفَاهُ مِنْهُمْ وَاخْتَارَهُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، فَلَا تَكُونُ "مِنْ" عَلَى هَذَا لِلتَّبْعِيضِ ، إِنَّمَا تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، لِأَنَّهُ عَمَلٌ اسْتَخْرَجَهُ مِنْهُمْ لِتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ ، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ مَأْخَذًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُهُ" .
وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ :
"إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ" ، هَكَذَا بِرَفْعِ الدَّالِ [مِنْ قَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ] وَجَدْتُهُ مُقَيَّدًا مُصَحَّحًا عَلَيْهِ ، وَإِعْرَابُهُ لَيْسَ عَلَى الْحِكَايَةِ ، وَلَكِنْ عَلَى إِضْمَارِ الْأَمْرِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : "إِنَّ الْأَمْرَ الَّذِي أَذْكُرُهُ" ، حَذَفَ الْهَاءَ الْعَائِدَةَ عَلَى الْأَمْرِ كَيْ لَا يُقَدِّمَ شَيْئًا فِي اللَّفْظِ مِنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى قَوْلِهِ : "الْحَمْدُ لِلَّهِ" . وَلَيْسَ تَقْدِيمُ "إِنَّ" فِي اللَّفْظِ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْأَسْمَاءِ لِأَنَّهَا حَرْفٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا بَعْدَهُ ، مَعَ مَا فِي اللَّفْظِ مِنَ التَّحَرِّي لِلَفْظِ الْقُرْآنِ وَالتَّيَمُّنِ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِي : اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْيَوْمِ بِذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ اتِّفَاقًا يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ :
"الْعَرُوبَةَ" - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ- قُلْتُ : قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِهِ :
"صِنَاعَةُ الْكِتَابَةِ" : لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إِلَّا شَاذًّا ، وَمَعْنَاهُ : الْيَوْمُ الْمُبَيَّنُ الْمُعَظَّمُ ، مِنْ أَعْرَبَ : إِذَا بَيَّنَ . فَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخَلَائِقَ جُمِعَتْ فِيهِ ، ذَكَرَهُ
أَبُو حُذَيْفَةَ الْبُخَارِيُّ فِي "الْمُبْتَدَأِ" عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ . وَقِيلَ : لِأَنَّ خَلْقَ آدَمَ جُمِعَ فِيهِ .
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13114وَابْنُ خُزَيْمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=703448 "أَتَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟" قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : "هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي جُمِعَ فِيهِ أَبُوكُمْ آدَمُ" .
الْحَدِيثُ ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ ، وَالْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ . قَالَ الْحَافِظُ : "وَهَذَا أَصَحُّ . وَيَلِيهِ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَيْهِ ، فِي قِصَّةِ تَجْمِيعِ الْأَنْصَارِ ، مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=103أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ . وَكَانُوا يُسَمُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ ، صَلَّى بِهِمْ فِيهِ وَذَكَّرَهُمْ ، فَسَمَّوْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ" . وَقِيلَ : "سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ" . وَبِهَذَا جَزَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ : إِنَّهُ اسْمٌ إِسْلَامِيٌّ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَإِنَّمَا كَانَ يُسَمَّى الْعَرُوبَةَ . وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَقَدْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : إِنَّ الْعَرُوبَةَ اسْمٌ قَدِيمٌ كَانَ لِلْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَالُوا : الْجُمُعَةُ هُوَ يَوْمُ الْعَرُوبَةِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ غَيَّرُوا الْأَيَّامَ السَّبْعَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ : أَوَّلَ وَأَهْوَنَ وَجُبَارَ وَدُبَارَ وَمُؤْنِسَ وَعَرُوبَةَ وَشِيَارَ .
[ ص: 334 ]
وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي يَوْمَ الِاثْنَيْنِ "أَهْوَنَ" فِي أَسْمَائِهِمُ الْقَدِيمَةِ . فَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهَا أَسْمَاءً ، وَهِيَ هَذِهِ الْمُتَعَارَفَةُ إِلَى آخِرِهَا الْآنَ . وَقِيلَ : إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمَّى الْعَرُوبَةَ "الْجُمُعَةَ"
كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ ، فَيَحْتَاجُ مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ غَيَّرُوهَا إِلَى الْجُمُعَةِ ، فَأَبْقَوْهَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْعَرُوبَةِ إِلَى نَقْلٍ خَاصٍّ .
الثَّالِثُ : تَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ صَلَّتْهَا الصَّحَابَةُ
بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمَدِينَةَ ، فَقِيلَ : ذَلِكَ بِإِذْنٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَمِّعَ بِمَكَّةَ وَلَا [يُبْدِيَ] لَهُمْ ،
فَكَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73382 "أَمَّا بَعْدُ ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ الَّذِي تَجْهَرُ فِيهِ الْيَهُودُ بِالزَّبُورِ لِسَبْتِهِمْ ، فَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ ، فَإِذَا مَالَ النَّهَارُ عَنْ شَطْرِهِ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِرَكْعَتَيْنِ" .
قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31706فَأَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ، حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمَدِينَةَ ، فَجَمَّعَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنَ الظُّهْرِ ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ . وَفِي سَنَدِهِ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ . قَالَ فِي "الزَّهْرِ" : "وَالْمَعْرُوفُ فِي هَذَا الْمَتْنِ الْإِرْسَالُ ، رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ "الْأَوَائِلِ"
لِأَبِي عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيِّ" قَالَ : "حَدَّثَنَا
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبٍ بِهِ" . وَقِيلَ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ ، رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : جَمَّعَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْجُمُعَةُ ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ : إِنَّ لِلْيَهُودِ يَوْمًا يُجَمِّعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ ، وَلِلنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ ، فَهَلُمُّوا فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نُجَمِّعُ فِيهِ فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَنُصَلِّي وَنَشْكُرُ . فَجَعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ ، وَاجْتَمَعُوا إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=103أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ ، فَصَلَّى بِهِمْ يَوْمَئِذٍ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الْجُمُعَةِ 9] قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا ، فَلَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73381 "كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ nindex.php?page=showalam&ids=103أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ" ، الْحَدِيثُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ، فَمُرْسَلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولَئِكَ الصَّحَابَةَ اخْتَارُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِاجْتِهَادٍ ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَهُ بِالْوَحْيِ وَهُوَ
بِمَكَّةَ ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِقَامَتِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُرْسَلِ بَعْدَهُ ، وَلِذَلِكَ جَمَّعَ بِهِمْ أَوَّلَ مَا قَدِمَ
الْمَدِينَةَ كَمَا حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ حَصَلَتِ الْهِدَايَةُ لِلْجُمُعَةِ بِخَبَرِ نَبِيِّ الْبَيَانِ وَالتَّوْفِيقِ . وَقِيلَ : الْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِهِمُ الْجُمُعَةَ وُقُوعُ خَلْقِ
آدَمَ فِيهِ ، وَالْإِنْسَانُ إِنَّمَا خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ ، فَنَاسَبَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْعِبَادَةِ فِيهِ ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَكْمَلَ فِيهِ الْمَوْجُودَاتِ وَأَوْجَدَ فِيهِ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهَا ، فَنَاسَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=20698أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِالْعِبَادَةِ فِيهِ ، وَلِهَذَا تَتِمَّةٌ تَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
[ ص: 335 ]