الباب الثالث 
في غزوة الأبواء  وهي ودان   
قال أبو عمرو :  أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة  باقي ربيع الأول ، الشهر الذي قدم فيه ، وباقي العام كله إلى صفر ، من سنة اثنتين من الهجرة ، ثم خرج غازيا في صفر ، وحمل لواءه  حمزة بن عبد المطلب ،  وكان لواء أبيض ، واستعمل على المدينة  فيما قال أبو سعد  وأبو عمر :   سعد بن عبادة ،  وخرج بالمهاجرين  ليس منهم أنصاري ، يعترض عيرا لقريش  فلم يلق كيدا ، ووادع بني ضمرة بن عبد مناة بن كنانة ،  وعقد ذلك معه سيدهم . 
قال  ابن إسحاق  وابن سعد  وأبو عمرو :  جمع مخشي بن عمرو الضمري ،  وقال  ابن الكلبي :  عمارة بن مخشي بن خويلد بن عبد فهم بن يعمر بن عوف بن جدى بن ضمرة ،  كذا ذكر الأمير أبو نصر  في جدى -بضم الجيم وفتح الدال- وكذا قال  ابن حزم  في الجمهرة : إنه عمارة بن مخشي ،  فالله أعلم- ووادعهم على ألا يغزو بني ضمرة  ولا يغزوه ، ولا يكثروا عليه جمعا ولا يعينوا عليه عدوا ، وكتب بينه وبينهم كتابا نسخته : 
«بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من محمد  رسول الله لبني ضمرة  بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم ، وأن لهم النصرة على من رامهم إلا أن يحاربوا في دين الله ، ما بل بحر صوفة . وأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعاهم لنصره أجابوه ، عليهم بذلك ذمة الله وذمة رسوله ، ولهم النصر على من بر منهم واتقى» . 
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ،  وكانت غيبته خمس عشرة ليلة ، وهي أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة .  
تنبيه في بيان غريب ما سبق : 
الأبواء   -بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد- قرية بين مكة  والمدينة ،  قيل سميت بذلك لما فيها من الوباء ، ولو كان كما ذكر لكانت الأوباء ، أو يكون مقلوبا منه ، والصحيح أنها سميت بذلك لتبوئ السيول بها ، قاله ثابت بن قاسم .  
ودان   -بفتح الواو وتشديد الدال المهملة في آخره نون- وهي قرية جامعة من عمل الفرع . 
وادعته : صالحته . 
مخشي -بفتح الميم وإسكان الخاء وكسر الشين المعجمتين ، ثم ياء مشددة كياء النسب- لم أر من ذكر له إسلاما . 
لم يلق كيدا : أي حربا . 
ما بل بحر صوفة : أي ما دام في البحر ما يبل الصوفة . 
ذمة الله -بكسر الذال المعجمة- أمانه .  [ ص: 15 ] 
				
						
						
