الأول : النضير- بفتح النون وكسر الضاد المعجمة الساقطة- : حي من يهود دخلوا في العرب وهم على نسبهم إلى هارون نبي الله تعالى صلى الله عليه وسلم ، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا ، وكان الله تعالى قد كتب عليهم هذا الجلاء .
الثاني : قال في الهدي : زعم محمد بن شهاب الزهري أن بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر ، وهذا وهم منه وغلط ، بل الذي لا شك فيه أنها كانت بعد أحد ، انتهى . [ ص: 331 ] غزوة
إنما نقل ذلك عن والزهري ورواه عروة وصححه ، وأقره الحاكم الذهبي عن والبيهقي رضي الله عنها ، لكن قال عائشة : هكذا قال ، أي أحد رواته عن الزهري ، عن البيهقي عن عروة وذكر عائشة غير محفوظ ، وتقدم كلام عائشة ابن كثير في ذلك ، وفي آخر غزوة بني قينقاع فراجعه .
الثالث : روى الشيخان عن رضي الله عنهما قال : ابن عمر بني النضير وقطع ، وهي البويرة ، فنزلت حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله [الحشر 5] .
وروي أيضا عنه بني النضير . قال أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق نخل : ولها يقول ابن عمر : حسان بن ثابت
وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
قال : فأجابه أبو سفيان بن الحراث ، أي قبل إسلامه :أدام الله ذلك من صنيع وحرق في جوانبها السعير
ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تضير
قال الحافظ ولم يذكر مستندا للترجيح : والذي يظهر أن الذي في الصحيح أصح ، وذلك أن قريشا كانوا يظاهرون كل من عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعدونهم النصر والمساعدة ، فلما وقع لبني النضير من الخذلان ما وقع قال الأبيات المذكورة ، توبيخا حسان لقريش ، وهم بنو لؤي كيف خذلوا أصحابهم .
وقد ذكر أن ابن إسحاق قال ذلك في غزوة حسان بني قريظة ، وإنما ذكر بني النضير استطرادا ، وستأتي الأبيات بكمالها في غزوة بني قريظة .
وفي جواب في قوله «وتعلم أي أرضينا تضير» ما يرجح ما وقع في الصحيح ، لأن أرض أبي سفيان بن الحارث بني النضير تجاور أرض الأنصار ، فإذا خربت أضرت بما جاورها بخلاف أرض قريش ، فإنها بعيدة منها بعدا شديدا ، فلا نبالي بخرابها ، فكأن أبا سفيان يقول : [ ص: 332 ] تخريب أرض بني النضير وتحريقها إنما يضر أرض من جاورها ، وأرضكم التي تجاورها ، فهي التي تتضرر لا أرضنا ، ولا يتهيأ مثل هذا في عكسه إلا بتكلف .
وكان من أنكر استبعد أن يدعو على أرض الكفرة مثله بالتحريق في قوله : أبو سفيان بن الحارث
أدام الله ذلك من صنيع والجواب عنه أن اسم الكفر وإن جمعهم لكن العداوة الدينية كانت قائمة بينهم ، لما بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان من التباين ، وأيضا فقوله :
وحرق في نواحيها السعير يريد بنواحيها المدينة ، فيرجع ذلك الدعاء على المسلمين أيضا .