ذكر رمي بعض المشركين رضي الله عنه سعد بن معاذ
روى ابن سعد ، عن عاصم بن عمرو بن قتادة أن حبان بن قيس بن العرقة رمى بسهم ، فقطع أكحله سعد بن معاذ ، فلما أصابه ، قال : خذها وأنا ابن العرقة . فقال له سعد- ويقال [ ص: 381 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم- : عرق الله وجهك في النار . وقال سعد : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك ، وأخرجوه ، وكذبوه ، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة . وقيل : إن الذي أصاب سعدا أبو أسامة الجشمي ، وقيل : خفاجة بن عاصم فالله أعلم . وسيأتي لهذا مزيد بيان في حوادث سنة خمس .
وخرجت طليعتان للمسلمين فالتقتا ، ولا يشعر بعضهم ببعض ، ولا يظنون إلا أنهم العدو ، فكانت بينهم جراحة وقتل ، ثم نادوا بشعار المسلمين : «بحم لا ينصرون» ، فكف بعضهم عن بعض ،
وجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «جراحكم في سبيل الله ، ومن قتل منكم فهو شهيد» ،
فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم .
وكان رجال يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يطلعوا إلى أهلهم ،
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«إني أخاف عليكم من بني قريظة» ، فإذا ألحوا يقول : «من يذهب منكم فليأخذ بسلاحه» .
فقال : إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان . وكان فتى حديث عهد بعرس ، فأخذ سلاحه وذهب ، فإذا امرأته قائمة بين البابين فهيأ لها الرمح ليطعنها فقالت : اكفف حتى ترى ما في بيتك فإذا بحية على فراشه ، فركز فيها الرمح فانتظمها فيه ، ثم خرج به فنصبه في الدار ، فاضطربت الحية في رأس الرمح ، وخر الفتى ميتا ، فما يدري أيهما كان أسرع موتا : الفتى أم الحية ؟ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،