قال رضي الله عنه يجيب ضرار بن الخطاب عن قصيدة قالها : كعب بن مالك
وسائلة تسائل ما لقينا ولو شهدت رأتنا صابرينا صبرنا لا نرى لله . . عدلا
على ما نابنا . . متوكلينا وكان لنا النبي وزير صدق
به نعلو البرية أجمعينا نقاتل معشرا ظلموا وعقوا
وكانوا بالعداوة مرصدين . [ ص: 393 ] نعاجلهم إذا نهضوا إلينا
بضرب يعجل المتسرعينا ترانا في فضافض سابغات
كغدران الملا متسربلينا وفي أيماننا بيض خفاف
بها نشفي مراح الشاغبينا بباب الخندقين كأن أسدا
شوابكهن يحمين العرينا فوارسنا إذا بكروا وراحوا
على الأعداء شوسا معلمينا ويعلم أهل مكة حين ساروا
وأحزاب أتوا متحزبينا لننصر أحمد والله حتى
نكون عباد صدق مخلصينا بأن الله ليس له شريك
وأن الله مولى المؤمنينا فإما تقتلوا سعدا سفاها
فإن الله خير القادرينا سيدخله جنانا طيبات
تكون مقامة للصالحينا كما قد ردكم فلا شريدا
بغيظكم خزايا خائبينا خزايا لم تنالوا ثم خيرا
وكدتم أن تكونوا دامرينا بريح عاصف هبت عليكم
وكنتم تحتها متكمهينا
هل رسم دارسة المقام يباب متكلم لمحاور بجواب
قفر عفا رهم السحاب رسومه وهبوب كل مطلة مرباب
ولقد رأيت بها الحلول يزينهم بيض الوجوه ثواقب الأحساب
فدع الديار وذكر كل خريدة بيضاء آنسة الحديث كعاب
واشك الهموم إلى الإله وما ترى من معشر ظلموا الرسول غضاب
ساروا بجمعهم إليه وألبوا أهل القرى وبوادي الأعراب
جيش عيينة وابن حرب فيهم متخمطين بحلبة الأحزاب
حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا قتل الرسول ومغنم الأسلاب
وغدوا علينا قادرين بأيدهم ردوا بغيظهم على الأعقاب
بهبوب معصفة نفرق جمعهم وجنود ربك سيد الأرباب
فكفى الإله المؤمنين قتالهم وأثابهم في الأجر خير ثواب
من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم تنزيل نصر مليكنا الوهاب
وأقر عين محمد وصحابه وأذل كل مكذب مرتاب
عاتي الفؤاد موقع ذي ريبة في الكفر ليس بطاهر الأثواب
علق الشقاء بقلبه ففؤاده في الكفر آخر هذه الأحقاب .
وقال رضي الله عنه يجيبه أيضا : كعب بن مالك
أبقى لنا حدث الحروب بقية من خير نحلة ربنا الوهاب
بيضاء مشرقة الذرى ومعاطنا حم الجذوع غزيرة الأحلاب
كاللوب يبذل جمها وحفيلها للجار وابن العم والمنتاب
ونزائعا مثل السراح نما بها علف الشعير وجزة المقضاب
عري الشوى منها وأردف نحضها جرد المتون وسائر الآراب
قودا تراح إلى الصياح إذا غدت فعل الضراء تراح للكلاب
وتحوط سائمة الديار وتارة تردي العدا وتؤوب بالأسلاب
حوش الوحوش مطارة عند الوغى عبس اللقاء مبينة الإنجاب
علفت على دعة فصارت بدنا دخس البضيع خفيفة الأقصاب
يغدون بالزغف المضاعف شكه وبمترصات في الثقاف صياب
وصوارم نزع الصياقل غلبها وبكل أروع ماجد الأنساب
يصل اليمين بمارن متقارب وكلت وقيعته إلى خباب
وأغر أزرق في القناة كأنه في طخية الظلماء ضوء شهاب
وكتيبة ينفي القران قتيرها وترد حد قواحز النشاب
جأوى ململمة كأن رماحها في كل مجمعة ضريمة غاب
يأوي إلى ظل اللواء كأنه في صعدة الخطي فيء عقاب
أعيت أبا كرب وأعيت تبعا وأبت بسالتها على الأعراب
ومواعظ من ربنا نهدي بها بلسان أزهر طيب الأثواب
عرضت علينا فاشتهينا ذكرها من بعد ما عرضت على الأحزاب
حكما يراها المشركون بزعمهم حرجا ويفهمها ذوو الألباب
جاءت سخينة كي تغالب ربها فليغلبن مغالب الغلاب
جاءت سخينة كي تغالب ربها فليغلبن مغالب الغلاب
وقال رضي الله عنه : كعب بن مالك
من سره ضرب يرعبل بعضه بعضا كمعمعة الأباء المحرر .
[ ص: 395 ] فليأت مأسدة تسن سيوفها بين المذاد وبين جزع الخندق
دربوا بضرب المعلمين فأسلموا مهجات أنفسهم لرب المشرق
في عصبة نصر الإله نبيه بهم وكان بعبده ذا مرفق
في كل سابغة تخط فضولها كالنهي هبت ريحه المترقرق
بيضاء محكمة كأن قتيرها حدق الجنادب ذات شك موثق
جدلاء يحفزها نجاد مهند صافي الحديدة صارم ذي رونق
تلكم مع التقوى تكون لبأسنا يوم الهياج وكل ساعة مصدق
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا قدما ونلحقها إذا لم تلحق
فترى الجماجم ضاحيا هاماتها بله الأكف كأنها لم تخلق
نلقى العدو بفخمة ملمومة تنفي الجموع كفصد رأس المشرق
ونعد للأعداء كل مقلص ورد ومحجول القوائم أبلق
تردي بفرسان كأن كماتهم عند الهياج أسود طل ملثق
صدق يعاطون الكماة حتوفهم تحت العماية بالوشيح المزهق
أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق
لتكون غيظا للعدو وحيطا للدار إن دلفت خيول النزق
ويعيننا الله العزيز بقوة منه وصدق الصبر ساعة نلتقي
ونطيع أمر نبينا ونجيبه وإذا دعا لكريهة لم نسبق
ومتى ينادي للشدائد نأتها ومتى نرى الحومات فيها نعنق
من يتبع قول النبي فإنه فينا مطاع الأمر حق مصدق
فبذاك ينصرنا ويظهر عزنا ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق
إن الذين يكذبون محمدا كفروا وضلوا عن سبيل المتقي
ألا أبلغ قريشا أن سلعا وما بين العريض إلى الصماد
نواضح في الحروب مدربات وخوض ثقبت من عهد عاد
رواكد يزخر المرار فيها فليست بالجمام ولا الثماد
كأن الغاب والبردي فيها أجش إذا تبقع للحصاد
ولم نجعل تجارتنا اشتراء ال حمير لأرض دوس أو مراد
بلاد لم تثر إلا لكيما نجالد إن نشطتم للجلاد .
[ ص: 396 ] أثرنا سكة الأنباط فيها فلم تر مثلها جلهات واد
قصرنا كل ذي حضر وطول على الغايات مقتدر جواد
أجيبونا إلى ما نجتديكم من القول المبين والسداد
وإلا فاصبروا لجلاد يوم لكم منا إلى شطر المذاد
نصبحكم بكل أخي حروب وكل مطهم سلس القياد
وكل طمرة خفق حشاها تدف دفيف صفراء الجراد
وكل مقلص الآراب نهد تميم الخلق من أخر وهادي
خيول لا تضاع إذا أضيعت خيول الناس في السنة الجماد
ينازعن الأعنة مصغيات إذا نادى إلى الفزع المنادي
إذا قالت لنا النذر : استعدوا توكلنا على رب العباد
وقلنا : لن يفرج ما لقينا سوى ضرب القوانس والجهاد
فلم نر عصبة فيمن لقينا من الأقوام من قار وباد
أشد بسالة منا إذا ما أردناه وألين في الوداد
إذا ما نحن أشرجنا عليها جياد الجدل في الأزب الشداد
قذفنا في السوابغ كل صفر كريم غير معتلث الزناد
أشم كأنه أسد عبوس غداة ندى ببطن الجزع غادي
يغشي هامة البطل المذكى صبي السيف مسترخي النجاد
ليظهر دينك اللهم إنا بكفك فاهدنا سبل الرشاد