ومن ما كلم الله عز وجل به موسى  عليه السلام  
ما أنبأنا  يحيى بن ثابت بن بندار ،  أخبرنا أبي ، أخبرنا ابن دوما ،  أخبرنا  مخلد بن جعفر ،  أخبرنا الحسن بن علي القطان ،  أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار ،  أخبرنا إسحاق بن بشر القرشي ،  أخبرنا  الثوري ،   وعباد بن كثير ،  عن  منصور بن المعتمر ،  عن  مجاهد ،  عن كعب ،  قال: إن الرب عز وجل قال لموسى:  يا موسى  إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته ، وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين . 
يا موسى ،  إنك لن تقرب علي بعمل من أعمال البر خير لك من الرضا بقضائي ، ولن تأتي بعمل أحبط لحسناتك من البطر ، وإياك والتضرع لأبناء الدنيا ، إذن أعرض عنك ، وإياك أن تجود بدينك لدنياهم إذن آمر أبواب رحمتي أن تغلق دونك . 
ادن الفقراء ، وقرب مجلسهم منك ، ولا تركن إلى حب الدنيا ، فإنك لن تلقاني بكبيرة من الكبائر أضر عليك من الركون إلى الدنيا . 
يا موسى بن عمران ،  قل للمذنبين النادمين: أبشروا ، وقل للعالمين المعجبين: اخسئوا . 
قال  وهب بن منبه:  كان موسى  إذا كلمه الله عز وجل يرى النور على وجهه ثلاثة أيام ، ولم يتعرض للنساء مذ كلمه .  [ ص: 343 ] 
وقد روى  أبو سعيد الخدري  قال: افتخر أهل الإبل والغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "السكينة والوقار في أهل الغنم ، والخيلاء في أهل الإبل"   . وقال:  "بعث موسى  وهو يرعى غنما لأهله ، وبعثت وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد" . وزعم  السدي:  أن موسى  رجع من تكليم الله عز وجل فسار بأهله نحو مصر  فأتاها ليلا ، فتضيف على أمه ، وهو لا يعرفها ، فجاء هارون  فقيل له: ضيف ، فقعد معه ، فسأله: من أنت؟ فقال: أنا موسى ،  فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه ، فلما تعارفا ، قال له: يا هارون  انطلق معي إلى فرعون ، إن الله تعالى قد أرسلنا إليه ، قال هارون:  سمعا وطاعة ، فانطلقا إليه ليلا ، فأتيا الباب فضرباه ، ففزع فرعون وفزع البواب ، فكلمهما فقال موسى:  أنا رسول رب العالمين . 
فأتى فرعون ، فقال: إن ها هنا إنسانا مجنونا ، يزعم أنه رسول رب العالمين ، فقال: أدخله ، فدخل فعرفه فرعون . 
فقال: ألم نربك فينا وليدا   [26: 18] ، ثم قال له: وما رب العالمين   [26: 23] ، قال ما قصه الله تعالى علينا . فقال له: إن كنت جئت بآية فأت بها  فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين  قد فتحت فاها ، ووضعت لحيها الأسفل في الأرض ، والأعلى على سور القصر ، ثم توجهت إلى فرعون فذعر منها ، ووثب وصاح: يا موسى  خذها فأنا أومن ، فعادت عصا ، ثم نزع يده فإذا هي بيضاء ، فخرج من عندها . 
فأبى فرعون أن يؤمن ، وبنى الصرح ، ورقي عليه ، وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء فردت إليه ملطخة بالدم ، فقال: قد قتلت إله موسى .  
قال وهب:  بعث إلى السحرة [فجمعهم] وقال: قد جاءنا ساحر ما رأينا مثله قط ، فإن غلبتموه أكرمكم . وكان يرأس السحرة ساتور ،  وعازور ،  وحطحط ،  ومصفى ،  وهم الذين آمنوا لما رأوا سلطان الله فتبعتهم السحرة في الإيمان . 
 [ ص: 344 ] 
وفي عدد السحرة أقوال كثيرة مذكورة في التفسير ، فمن قائل يقول: كانوا سبعين ألفا ، ومن قائل يقول: كانوا سبعمائة ألف . إلى غير ذلك . 
وإنهم جمعوا حبالهم وعصيهم ، وكان موعدهم يوم الزينة   [وهو عيد كان لهم] فلما اجتمعوا ألقوا ما في أيديهم فإذا حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي ، تركب بعضها بعضا ، فأوجس في نفسه خيفة موسى   [20: 67] فأوحي إليه: أن ألق عصاك  فألقاها فتلقفت جميع ما صنعوا حتى ما يرى في الوادي شيء ، ثم أخذها موسى  فإذا هي عصاه ، فخرت السحرة سجدا ، فواعدهم فرعون بالقتل ، فقالوا: فاقض ما أنت قاض   [20: 72] . فرجع مغلوبا ، وأبى إلا التمادي في الكفر . 
قال  ابن عباس:  كانوا في أول النهار سحرة وفي آخره شهداء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					