ومن الحوادث [قصة أريحا] 
إن الله تعالى أمر موسى  وقومه إلى أريحا ،   وهي أرض بيت المقدس .  
قال  السدي:  ساروا حتى إذا كانوا قريبا منها بعث موسى  اثني عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل؛ ليأتوه بخبر الجبارين ، فلقيهم رجل من الجبارين يقال له: عاج ،  فأخذ الاثني عشر فجعلهم في حجزته ، وعلى رأسه حمل حطب ، فانطلق بهم إلى امرأته ، فقال: انظري إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا ، فطرحهم بين يديها وقال: لأطحنهم برجلي ، قالت: بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك . 
فلما خرج القوم قال بعضهم لبعض: يا قوم ، إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم رجعوا عن نبي الله ، ولكن اكتموا وأخبروا نبي الله ، فانطلق عشرة منهم فأخبروا أهاليهم وكتم رجلان ، فقال الناس: إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها    [5: 22] . 
قال رجلان   [5: 23] وهما اللذان كتما ، وهما يوشع بن نون ،  وكالب بن يوفنه:  يا قوم ادخلوا عليهم الباب   [5: 23] فقالوا: إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها   [5: 24] فغضب موسى [فدعا عليهم] ، فقال: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين   [5: 25] فقال الله تعالى: فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض   [5: 26] فلما ضرب عليهم التيه ندم موسى ،  فقالوا: يا موسى  كيف لنا ها هنا بالطعام ، فأنزل الله عليهم المن والسلوى ، وكان المن يسقط على الشجرة ، والسلوى طائر ، فقالوا: أين الشراب؟ فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، فشرب كل سبط من عين ، قالوا: فأين الظل؟ فظلل الله عليهم الغمام ، قالوا: فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا يتخرق لهم ثوب ، فأجمعوا ذلك فقالوا: لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض   [2: 61] . فلما خرجوا من التيه أكلوا البقول . 
 [ ص: 352 ] 
				
						
						
