وفيها: أصاب الناس وباء شديد .
وفيها: هلك طاغية الروم .
ذكر طرف من أخبار وسيرته المهدي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: [ ص: 210 ]
أخبرنا عبد الله بن عبد العزيز الظاهري ، قال: أخبرنا علي بن عبيد الله بن المغيرة الجوهري ، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، قال: حدثنا قال: الزبير بن بكار ،
أخبرني يونس بن عبد الله الخياط ، قال :
دخل ابن الخياط المكي على وقد مدحه ، فأمر له بخمسين ألف درهم ، فلما قبضها فرقها على الناس وقال: المهدي
أخذت بكفي كفه أبتغي الغنى ولم أدر أن الجود من كفه يعدي فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى
أفدت وأعداني فبددت ما عندي
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، قال: أخبرنا علي بن عمر الخياط ، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد ، قال: حدثنا هارون بن ميمون الخزاعي ، قال: حدثنا أبو حزمة الباذغيسي ، قال: قال : المهدي
ما توسل أحد بوسيلة ولا تذرع بذريعة هي أقرب إلي وأحب من أن يذكرني يدا سلفت مني [إليه] أتبعها أختها وأحسن ربها ، لأن منع الأواخر يقطع [شكر] الأوائل .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال:
أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن محمد ، قال: أخبرنا محمد بن العباس ، قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان ، قال: أخبرني محمد بن الفضل ، قال: أخبرني بعض أهل الأدب عن حسن الوصيف ، قال [ ص: 211 ]
قعد قعودا عاما للناس ، فدخل رجل في يده نعل في منديل ، فقال: يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهديتها لك ، فقال: هاتها ، فدفعها إليه ، فقلب باطنها ووضعها على عينيه وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف قال لجلسائه: أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلا عن أن يكون لبسها ، ولو كذبناه لقال للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها علي وكان من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة الميل إلى أشكالها ، والنصرة للضعيف على القوي ، فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدقنا قوله ، ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح . المهدي
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرني الحسن بن محمد الخلال ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ، قال: حدثنا الحسن بن علي العنبري ، قال: حدثنا العباس بن عبد الله بن جعفر بن سليمان بن علي ، قال: حدثتني جدتي فائقة بنت عبد الله ، قالت :
بينا أنا يوما عند وكان قد خرج متنزها إلى المهدي الأنبار إذ دخل عليه الربيع ومعه قطعة من جراب فيه كتاب برماد وخاتم من طين قد عجن بالرماد ، وهو مطبوع بخاتم الخلافة ، فقال: يا أمير المؤمنين ، ما رأيت أعجب من هذه الرقعة ، جاءني بها رجل أعرابي وهو ينادي: هذا كتاب أمير المؤمنين ، دلوني على هذا الرجل الذي يسمى المهدي الربيع فقد أمرني أن أدفعها إليه - أعني هذه الرقعة . فأخذها وضحك وقال: صدق هذا خطي وهذا خاتمي ، أفلا أخبركم بالقصة؟ قلنا: يا أمير المؤمنين ، رأيك أعلى [عينا] في ذلك . المهدي
قال: خرجت أمس إلى الصيد في غب سماء ، فلما أصبحت هاج علينا ضباب شديد وفقدت أصحابي حتى ما رأيت منهم أحدا ، وأصابني من البرد والجوع والعطش ما الله به أعلم ، وتحيرت عند ذلك فذكرت دعاء سمعته من أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن قال: ابن عباس ، من قال إذا أصبح وإذا أمسى: بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول
[ ص: 212 ]
ولا قوة إلا بالله [اعتصمت بالله وتوكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله] العلي العظيم وفي وكفي وشفي من الحرق والغرق والهدم وميتة السوء" . فلما قلتها دفع لي ضوء نار فقصدتها ، فإذا بهذا الأعرابي في خيمة له ، وإذا هو يوقد نارا بين يديه ، فقلت:
أيها الأعرابي هل من ضيافة؟ قال: انزل ، فنزلت ، فقال لزوجته: هاتي ذاك الشعير ، فأتته به ، فقال: اطحنيه ، فابتدأت بطحنه ، فقلت له: اسقني ماء ، فجاء بسقاء فيه مذقة من لبن أكثره ماء ، فشربت منها شربة ما شربت قط شيئا إلا وهو أطيب منه ، قال:
فأعطاني حلسا له فوضعت رأسي عليه ، فنمت نومة ما نمت [نومة] أطيب منها وألذ ، ثم انتبهت فإذا هو قد وثب إلى شويهة فذبحها ، وإذا امرأته تقول له: ويحك قتلت نفسك وصبيتك إنما كان معاشكم من هذه الشاة فذبحتها فبأي شيء نعيش؟ قال: فقلت: لا عليك هات الشاة ، فشققت جوفها واستخرجت كبدها بسكين في خفي فشرحتها ثم طرحتها على النار فأكلتها ، ثم قلت: هل عندك شيء أكتب لك فيه؟ فجاءني بهذه القطعة وأخذت عودا من الرماد الذي كان بين يديه ، فكتبت له هذا الكتاب وختمته بهذا الخاتم وأمرته أن يجيء ويسأل عنالربيع فيدفعها إليه فإذا في الرقعة خمسمائة ألف درهم ، فقال: لا والله ما أردت إلا خمسين ألف درهم ، ولكن جرت بخمسمائة ألف درهم ، لا أنقص والله منها درهما واحدا ولو لم يكن في بيت المال غيرها احملوها معه .
فما كان إلا قليلا حتى تكثرت إبله وشاؤه ، وصار منزلا من المنازل تنزله الناس من أراد الحج من الأنبار إلى مكة ، وسمي المهدي . مضيف أمير المؤمنين
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرني قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري ، أحمد بن إبراهيم ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، قال :
وخرج يوما إلى الصيد فانقطع عن خاصته ، فدفع إلى أعرابي وهو يريد البول ، فقال: يا أعرابي ، احفظ علي فرسي حتى أبول ، فسعى نحوه وأخذ بركابه ، فنزل [ ص: 213 ] المهدي ودفع الفرس إليه فأقبل الأعرابي على السرج يقتلع حليته ، ففطن المهدي وقد أخذ حاجته فقدم إليه فرسه ، وجاءت الخيل نحوه فأحاطت به ونذر بها الأعرابي فولى هاربا فأمر برده وخاف أن يكون فطن به ، فقال: خذوا ما أخذنا منكم ودعونا نذهب إلى حرق الله وناره ، فقال المهدي : لا بأس عليك ، فقال: ما تشاء جعلني الله فداء فرسك ، فضحك من حضره وقالوا: ويلك هل رأيت إنسانا قد قال هذا؟ المهدي
قال: فما أقول؟ قالوا: قل جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين ، قال: أوهذا أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم ، قال: والله لئن أرضاه هذا مني فما يرضيني ذاك فيه ، ولكن جعل [الله] جبريل وميكائيل فداءه ، وجعلني فداءهما . فضحك واستطابه وأمر له بعشرة آلاف درهم . المهدي
قال ابن عرفة: وبلغني أن لما فرغ من بناء عيسى باذ ركب في جماعة يسيرة لينظر فدخله مفاجأة وأخرج من كان هناك من الناس ، وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان ، فرأى المهدي أحدهما وهو دهش ما يعقل ، فقال: من أنت؟ فقال: أنا أنا أنا ، قال: ويحك من أنت؟ قال: لا أدري ، قال: ألك حاجة؟ قال: لا لا ، قال: المهدي
أخرجوه أخرج الله نفسه ، فدفع في قفاه . فلما خرج قال لغلام له: اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره [ومهنته] فإني إخاله حائكا ، فخرج الغلام يقفوه . ثم رأى الآخر فاستنطقه فأجابه بقلب جريء ولسان بسيط ، قال: فما جاء بك إلى ها هنا؟ قال: جئت لأنظر إلى هذا البناء الحسن فأتمتع بالنظر إليه وأكثر الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة ، قال: أفلك حاجة؟ قال: نعم ، خطبت ابنة عمي فردني [أبوها] وقال: لا مال لك والناس يرغبون في الأموال ، وأنا بها مشغوف ولها وامق . قال: قد أمرت لك بخمسين ألف درهم ، قال: جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة ، ومننت فأعظمت المنة فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه ، وآخر أيامك خيرا من أولها ، وأمتعك بما أنعم به عليك وأمتع رعيتك بك: فأمر [ ص: 214 ] أن تعجل صلته ، ووجه بعض خاصته وقال: سل عن مهنته فإني إخاله كاتبا ، فرجع الرسولان معا ، فقال الأول: وجدت الأول حائكا ، وقال الآخر: وجدت الرجل كاتبا ، فقال : لم تخف علي مخاطبة الكاتب والحائك . المهدي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا قال: أحمد [بن علي] الخطيب ،
أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال:
حدثنا محمد بن يحيى الصولي ، قال: قال عمرو بن أبي عمرو الأعجمي:
اعترضت امرأة للمهدي فقالت: يا عصبة رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر في حاجتي ، فقال : ما سمعتها من أحد قبلها ، اقضوا حاجتها وأعطوها عشرة آلاف [درهم] . المهدي
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: حدثنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، قال: حدثنا سهل بن أحمد الديباجي ، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو خليفة ، رفيع بن سلمة ، عن أبي عبيدة ، قال: كان يصلي بنا الصلوات في المسجد الجامع المهدي بالبصرة لما قدمها ، فأقيمت الصلاة يوما ، فقال أعرابي: يا أمير المؤمنين ، لست على طهر وقد رغبت إلى الله في الصلاة خلفك فأمر هؤلاء ينتظروني ، فقال: انتظروه رحمكم الله ، ودخل المحراب ووقف إلى أن قيل له: قد جاء الرجل ، فكبر فتعجب الناس من سماحة أخلاقه .
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن البختري ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ، قال: حدثني عبيد الله بن فرقد مولى ، قال : المهدي
هاجت ريح زمن ، فدخل المهدي بيتا في جوف بيت وألزق خده بالتراب [ ص: 215 ] ثم قال: اللهم إنه بريء من هذه الجناية ، كل هذا الخلق غيري فإن كنت المطلوب من بين خلقك فها أنا ذا بين يديك ، اللهم لا تشمت بي أهل الأديان ، فلم يزل مكانه حتى انجلت الريح . المهدي
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرنا القاضي قال: أخبرنا أبو الطيب الطبري ، قال: حدثنا المعافى بن زكريا ، أحمد بن الحسن بن منصور ، قال: حدثني أبو قلابة ، قال: حدثني نصر بن قديد ، قال: حدثني أبو عمرو الشعافي ، قال:
صلينا مع المغرب ومعنا المهدي العوفي ، وكان من مظالم ، فلما انصرف المهدي من المغرب جاء المهدي العوفي حتى قعد في قبلته ، فقام يتنفل ، فجذب ثوبه فقال: ما شأنك؟ قال: شيء أولى بك من النافلة ، قال: وما ذاك؟ قال: سلام مولاك ، قال وهو قائم على رأسه: أوطأ قوما الخيل وغصبهم على ضيعتهم وقد صح ذلك عندي تأمر بردها وتبعث من يخرجهم ، فقال : حتى نصبح إن شاء الله ، فقال المهدي العوفي: لا ، إلا الساعة ، فقال : يا فلان القائد ، اذهب الساعة إلى موضع كذا وكذا فأخرج من فيها وسلم الضيعة إلى فلان . قال: فما أصبحوا حتى ردت الضيعة على صاحبها . المهدي
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الفقيه ، قال:
أخبرنا محمد بن الحسين الجازري ، قال: أخبرنا قال: حدثني المعافى بن زكريا ، محمد بن القاسم الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن أبي العنبس ، عن إسحاق بن يحيى بن معاذ ، قال: حدثني سوار ، قال:
انصرفت يوما من دار ، فلما دخلت منزلي دعوت بالغداء ، فجاشت نفسي فأمرت به فرد ، ثم دعوت جارية لي ألاعبها فلم تطب نفسي بذلك ، فدخلت القائلة فلم يأخذني النوم ، فنهضت وأمرت ببغلة لي فأسرجت ، فركبتها ، فلما خرجت استقبلني وكيل لي ومعه مال ، فقلت: ما هذا؟ فقال: ألفا درهم جبيتها من مستغلك الجديد ، قلت أمسكها معك واتبعني ، قال: وخليت رأس البغلة حتى عبرت الجسر ، ثم مضيت في شارع دار الرقيق حتى انتهيت إلى الصحراء ، ثم رجعت إلى المهدي باب الأنبار ، [ ص: 216 ] وطوفت فلما صرت في شارع دار الأنبار انتهيت إلى باب دار نظيف وعليه شجرة وعلى الباب خادم ، فوقفت وقد عطشت ، فقلت للخادم: عندك ماء تسقيني؟ فقال: نعم . وقام فأخرج قلة نظيفة طيبة الرائحة عليها منديل ، فناولني فشربت ، وحضر وقت العصر ، فدخلت مسجدا على الباب ، فصليت فلما قضيت صلاتي إذا أنا بأعمى يتلمس ، فقلت: ما تريد يا هذا؟ قال: إياك أريد ، قلت: وما حاجتك؟ فجاء حتى قعد فقال:
شممت منك ريح الطيب فظننت أنك من أهل النعيم فأردت أن ألقي عليك شيئا ، فقلت: قل ، قال: أترى هذا القصر؟ قلت: نعم ، قال: هذا قصر كان لأبي فباعه وخرج إلى خراسان وخرجت معه فزالت عنا النعم التي كنا فيها ، فقدمت فأتيت صاحب الدار لأسأله شيئا يصلني به وأصير إلىسوار فإنه كان صديقا لأبي ، قلت: ومن أبوك؟ قال:
فلان بن فلان ، فإذا هو أصدق الناس إلي ، فقلت له: يا هذا ، فإن الله قد أتاك بسوار ، منعه الطعام والنوم حتى جاء به فأقعده بين يديك ، ثم دعوت الوكيل فأخذت الدراهم منه فدفعتها إليه وقلت له: إذا كان الغد فصر إلى المنزل . ثم مضيت فقلت: ما أحدث أمير المؤمنين بشيء أطرف من هذا . فأتيته فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت وحدثته بالحديث ، فأمر لي بألفي دينار فنهضت ، فقال: اجلس ، عليك دين؟ قلت: نعم ، قال:
كم؟ قلت: خمسون ألف دينار ، فأمسك وجعل يحدثني ساعة ، ثم قال: امض إلى منزلك ، فصرت إلى منزلي ، فإذا خادم معه خمسون ألف دينار قال: يقول لك أمير المؤمنين اقض بها دينك ، فقبضتها ، فلما كان من الغد فأبطأ علي المكفوف ، وأتاني رسول يدعوني ، فجئته فقال: فكرت في أمرك فقلت: يقضي دينه ويحتاج إلى الحيلة والقرض وقد أمرت لك بخمسين ألف دينار ، فقبضتها وانصرفت . فأتاني المكفوف فدفعت إليه الألفي دينار وقلت: قد رزق الله كلا بكرمه خيرا كثيرا ، وأعطيته من مالي ألفي دينار . المهدي
أخبرنا قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع فيما أذن له أن نرويه عنه ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن السري ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف ، قال: أخبرنا إسحاق بن محمد بن إسحاق ، قال : [ ص: 217 ]
أنبئت أن يعقوب بن المهدي سأل عن أرحاء البطريق ، فقال: الفضل بن الربيع
من هذا البطريق الذي نسبت إليه هذه الأرحاء؟ فقال الفضل: إن أباك رضي الله عنه لما أفضت إليه الخلافة وقدم عليه وافد من الروم فاستأذنه ثم كلمه بترجمان يعبر عنه ، قال الرومي: إني لم أقدم على أمير المؤمنين لمال ولا عرض ، وإنما قدمت شوقا إليه وإلى النظر إلى وجهه لأنا نجد في كتبنا أن الثالث من أهل نبي هذه الأمة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، فقال : قد سرني ما قلت ولك عندنا كل ما تحب ، ثم أمر المهدي الربيع بإنزاله وإكرامه ، فأقام مدة ثم خرج يتنزه ، فمر بموضع الأرحاء فنظر إليه فقال للربيع:
أقرضني خمسمائة ألف درهم أبني بها مستغلا يؤدى إليه في السنة خمسمائة ألف [درهم] ، قال: أفعل ، ثم أخبر بما ذكر ، فقال: أعطه خمسمائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم وما أغلت فادفعه إليه فإذا خرج إلى بلاده فابعث به إليه في كل سنة ، قال : ففعل ، فبنى الأرحاء ثم خرج إلى بلاده ، فكانوا يبعثون بغلتها إليه حتى مات الرومي ، فأمر المهدي أن يضم إلى مستغله . المهدي
قال: واسم البطريق طاراث بن الليث بن العيزار بن طريف ، وكان أبوه ملكا من ملوك الروم أيام معاوية .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرني الأزهري ، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي ، قال: حدثنا قال: حدثني الزبير بن بكار ، خالد بن وضاح ، قال: حدثني عبد الأعلى بن محمد بن صفوان الجمحي ، قال :
حملت دينا بعسكر ، فركب المهدي يوما بين المهدي أبي عبيد الله وعمر بن بزيع ، وأنا وراءه في موكبه على برذون قطوف . فقال: ما أنسب بيت قالته العرب؟ قال أبو عبيد الله: قول امرئ القيس إذ يقول:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل
إذا قلت إني مشتف بلقائها فحم التلاقي بيننا زادنا سقما
وكان إذا جلس للمظالم قال: أدخلوا علي القضاة ، فلو لم يكن ردي للمظالم إلا للحياء منهم . المهدي
برجل قد تنبأ المهدي ، [فلما رآه] قال: أنت نبي؟ قال: نعم قال: وأتي
وإلى من بعثت؟ قال: أتركتموني أذهب إلى من بعثت إليه ، وجهت بالغداة فأخذتموني بالعشي ووضعتموني في الحبس ، فضحك منه ، وخلى سبيله . المهدي
قال الربيع : رأيت في ليلة يصلي فقرأ: المهدي فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . قال: فلما فرغ من صلاته التفت إلي فقال:
يا ربيع ، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين ، قال موسى: وقام إلى صلاته ، فقلت: من موسى؟ ابنه موسى ، أم موسى بن جعفر ، وكان محبوسا عندي ، فجعلت أفكر فقلت: ما هو إلا موسى بن جعفر ، فأحضرته ، فقال: يا موسى ، إني قرأت هذه الآية: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم
[ ص: 219 ]
فخشيت أن أكون قد قطعت رحمك ، فوثق لي أنك لا تخرج ، فقال: نعم ، فوثق له فخلاه .